لا شك أن انعقاد قمة الدوحة نهاية الشهر الجاري في أجواء تصالحية سيساهم إلى حد بعيد في حل الملفات العربية العالقة، وخاصة الملف الفلسطيني. لأن الصورة الأخرى القاتمة هي أن تنعقد القمة في أجواء تخاصمية، وفي ظل وجود مشاحنات، ولا أحد يعتقد أن قمة تنعقد في مثل هذه الأجواء ستكون ناجحة!. وهذا يجعلنا ندرك أهمية الاستعداد لهذه القمة عبر تنقية الأجواء العربية، وتوحيد الصف بين الدول العربية وقادتها. وهو ما قد بدأ منذ اللحظة التي خاطب فيها خادم الحرمين الشريفين القادة في قمة الدوحة الاقتصادية العربية. تلك القمة التي انعقدت في ظل شعور قاتم ومتشائم عمَّ الشعوب العربية، وظن كثير من العرب أن القمة لن تخرج بشيء، بل ربما بمزيد من الخصومة ! ولكن ومنذ أن دعا الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خطابه التاريخي القادة إلى المصالحة الأخوية وإزالة الخلافات، تحول الشعور من النقيض إلى النقيض حيث عم التفاؤل، في وقت كنا فيه في أمسّ الحاجة إلى التفاؤل في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
جهود خادم الحرمين الشريفين لم تنته عند حدود قمة الكويت، بل أعقبتها جهود مستمرة في سبيل حل الخلافات العربية العربية، وإزالة كل عقبة يمكن أن تقف في وجه توحيد الصف العربي. والقمة العربية المصغرة التي انعقدت أمس بالرياض تأتي ضمن هذه الجهود المباركة التي يرعاها الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتقوية الجانب العربي وحل قضاياه المصيرية، والتفرغ للتنمية التي تعطلت في عدد من الدول العربية بسبب صراعات المنطقة وخاصة فيما يتعلق بإسرائيل وجرائمها وكيفية التعامل معها.
كذلك نأمل أن يقفل العرب الباب أمام التدخلات الخارجية من قبل الدول التي يهمها إحداث خلافات بين العرب من أجل أن يكون لها مزيد من النفوذ، وهذا من الملفات العربية المهمة والتي ظلت تثير خلافات بين الإخوة. كذلك نأمل أن يكون التفاهم العربي هو القاعدة وليس الاستثناء، وأن يكون تفاهما استراتيجيا وليس متعلقا بقمة أو مرحلة، وذلك خدمة للأجيال الحاضرة والقادمة. عندها سنكون فعلا على أبواب مرحلة جديدة في تاريخنا العربي.
****