شيء ما تكسر في هذه المدينة بعد أن سقط من علو شاهق. لست أدري من كان يعبر الآخر: أنا أم الشارع في ليل هذه الجمعة الحزينة. الأصوات التي تملأ الذاكرة والقلب صارت لا تعد، ولم أعد أملك الطاقة لمعرفتها. كل شيء اختلط مثل العجينة. يجب أن تعرفوا أني مُنهك ومنتهك وحزين ومتوحد مثل الكآبة.
واسيني الأعرج. مواليد 1954 بقرية سيدي بوجنان الحدودية - تلمسان. جامعي وروائي. يشغل اليوم منصب أستاذ كرسي بجامعتي الجزائر المركزية والسوربون بباريس. يكتب باللغتين العربية والفرنسية، إن قوة واسيني التجريبية التجديدية تجلت بشكل واضح في روايته التي أثارت جدلا نقديا كبيرا، والمبرمجة اليوم في العديد من الجامعات في العالم. في عام 1997، اختيرت روايته حارسة الظلال (دون كيشوت) ضمن أفضل خمس روايات صدرت بفرنسا، ونشرت في أكثر من خمس طبعات متتالية ضمت الأعمال الخمسة. في عام 2001 حصل على جائزة الرواية الجزائرية على مجمل أعماله.
في عام 2005 م اختير كواحد من ستة روائيين عالميين لكتابة التاريخ العربي الحديث، في إطار جائزة قطر العالمية للرواية.
أعد وقدم برنامجاً تلفزيونياً بعنوان أهل الكتاب.
في عام 2006 حصل على جائزة المكتبيين الكبرى على روايته كتاب الأمير التي تمنح عادة لأكثر الكتب رواجا واهتماما نقديا في السنة. وفي عام 2007 حصل جائزة الشيخ زايد للآداب. تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية من بينها: الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، السويدية، الدنمركية، العبرية، الإنجليزية والإسبانية.
رواية (طوق الياسمين) تخوض في عوالم ومستويات عدة، فهي مبنية على لغة شعرية غاية في شاعريتها وانثيالها، وصدق مشاعر كاتبها، وقدرتها على تجسيد التجربة الإنسانية في مختلف لحظاتها. وهي من جهة أخرى في أجزاء منها تقول (في مذكرات عشاب، يقدم وصفاً ساحراً لأجواء دمشق الستينات، دمشق المدينة والشارع والسوق، دمشق الجامعة والبشر والدراسة والثقافة واليسار والسياسة، دمشق الوجع والفقر والحرقة والفراق والضياع. وهذا الجزء الأخير يأتي في لغة واقعية تقطر ببساطتها وملامستها الواقع وتجسيدها لكل البيئة الدمشقية. طوق الياسمين تعد سيرة ذاتية، وإضافة جميلة إلى رصيده الروائي وجرأة فنية تحسب لمصلحة الرواية العربية.
صدر للكاتب:
البوابة الزرقاء وقائع من أوجاع رجل، وقع الأحذية الخشنة ما تبقّى من سيرة لخضر حمروش. نوار اللوز، مصرع أحلام مريم الوديعة. بالفضاء الحر ضمير الغائب. في كلمات صاغها في إحدى الصحف قال فيها كيف يستطيع العربي البسيط، المغلوب على أمره، في ظل أنظمة لم تجد ما تقنع به شعوبها، أن ينسى جريمة غزة وغيرها؟ يخطئ من يقول إن ذاكرة النسيان لا تصنع إلا النسيان. لقد أصبح موقع الذين اختاروا الحياة والاستماع إلى الآخر ومحاولة تفهمه بتنازلات قاسية، ولكن لا خيار فيها إلا خيار المستقبل، أصبح ضعيفا ومهتزا. التفكير في مستقبل مسالم أصبح مستحيلا أو شبه مستحيل.
لقد نما عصرنا كل الأحقاد الدفينة. وإسرائيل مسؤولة عن كل ما يحدث، ليس فقط لأنها منعت تكوين دولة فلسطينية بكل الوسائل الجهنمية بما في ذلك تقسيم بلد لم تلتئم أطرافه حتى بفعل الجغرافيا، ولكن لأنها تستهل ما سيأتي بعد زمن قد يكون خمسين أو قرنا من الزمن؟ الأرض تتماوج بجنون غير مسبوق ولا أحد يعرف ما ينتظرنا في الزوايا الأكثر ظلمة. التطرفات مسؤولة أيضاً لأنها أعادتنا إلى حرب ظننا في لحظة من اللحظات أنها يمكن أن تصمت قليلا وتتيح فرصة للعقل لكي يتكلم ويتفهم ويناقش ويساجل ويخالف، المهم، أن يظل العقل متسيدا. حتى أصبح كل من يتحدث عن السلام، عربيا كان أو يهوديا، في قائمة خونة الدم والتاريخ وكأنه مقدّر على البشرية أن تظل تعوم في برك الدم لكي تستقيم قيم المواطنة والهوية والأرض. النيو-هولوكوست ليس جريمة فقط، ولكنه أصبح ثقافة خطيرة لن تتيح أي فرصة لغرس سلام حقيقي بين الشعوب.
مرفأ
الكلمات مثل الضوء والماء تنزلق من بين الأصابع وإذا خرجت يصبح من الصعب تجميعها.