أخبريني كيف صار الملحُ سُكَّرْ؟! |
كيف صار الشوكُ أعنابا، وأثمرْ |
أيّ فصلٍ؟! ألبس الأغصان ثوباً |
أنبت الأشواقَ في قلبٍ تصَّحرْ |
أيّ يومٍ؟! صار فيه الصخر قلباً |
بقليلٍ من جفاءٍ يتفطّرْ |
صار نبعاً من حنانٍ من شعورٍ |
وأحاسيسٍ تحيل الرمل جوهرْ |
أخبريني - لستُ أدري - عن ربابٍ |
في ثوانٍ صار غيماً ثم أمطرْ |
عن مساءٍ صار مثل الصبح نورا |
عن نهارٍ جانَبَ الشمسَ وأقمرْ |
أخبريني - لست أدري - أو دعيني |
كلُّ شيءٍ - فجأةً -حولي تغيّرْ! |
هكذا إحساسنا بالحبِّ، قالتْ. |
أإلى هذا المدى؟!، قالت: وأكثرْ |
23 - 1 - 1430 |
|
قراءة الناقد الأردني/ عبد الرحيم محمود
|
شاعرنا الغالي الأخ الصديق حامد أبو طلعة المحترم
|
نص جميل فوق العادة، يحير الناقد المحترف كيف يدخل إليه، من السهل التعليق عليه والمرور به إعجابا، وتذوقا، لكن النقد المحترف يحير الناقد من أين يدخل، وكيف يتعامل مع النص بتفضيل مدخل على آخر، فهناك المداخل الآتية على سبيل الذكر لا على سبيل الحصر:
|
1 - التساؤل المعكوس، المعروف إجابته لدى المسؤول والسائل وهو ما يسمى بالسؤال التقريري المسلم بجوابه والمعروف سلفا قبل أن يسأل، والهدف من السؤال هو فقط أخذ اعتراف المسؤول بعد اعتراف السائل بالجواب الوحيد له.
|
|
3 - التفاعل مع الطبيعة وجمع أجزائها المتعارضة والمتناقضة معا في سلة واحدة، والاستعانة بالمتضادات لإبراز جمال الأصل.
|
4 - الروابط، وهي الكلمات التي تغير معنى الكلمات لغيرها بالتصاقها بها.
|
5 - الاستعمال التبادلي والتناظري بين الإنشاء والخبر، وإخراج بعضها عما وجد له.
|
- هذه المداخل التي أعجبتني وأردت الدخول منها وكلها جميل، ومغر للتفاعل بالدخول منه، ولكنني آثرت الدخول من الباب الأول، وهو التساؤل واستعمال كلمات السؤال لتحميلها إقرارات السائل والمسؤول وهي طريقة يجيدها الشاعر لا أعرف غيره يجيدها بنفس كيفية إجادته لها، ولنبدأ بالدخول، والتفاعل.
|
|
أخبريني كيف صار الملحُ سُكَّرْ؟! |
كيف صار الشوكُ أعنابا، وأثمرْ |
أيّ فصلٍ؟! ألبس الأغصان ثوباً |
أنبت الأشواقَ في قلبٍ تصَّحرْ |
- المتضادات الملح والسكر، والشوك يثمر العنب، فصل غير الفصول الأربعة المعروفة التي أنبتت لا نباتا بل أشواقا في قلب تصحر وأصبح لا ينبت شيئا!!
|
كل هذه الأمور جمعها الشاعر في مدخله الصادم للفكر لكي يدخل لمساحات أوسع في نقاشه مع الحبيبة التي يجبرها على التفاعل بعد إثارة الفضول، بومضات ملونة تجذب البصر مجبرا فيقول:
|
أيّ يومٍ؟! صار فيه الصخر قلباً |
بقليلٍ من جفاءٍ يتفطّرْ |
صار نبعاً من حنانٍ من شعورٍ |
وأحاسيسٍ تحيل الرمل جوهرْ |
- يدخل في البعد الزماني المجرد، متأثرا بتناص جميل مع كتاب الله وأنواع الصخور القاسية التي ينبع منها الماء، ولكن صخر هذا القلب أصبح نبعا من الحنان الذي يحيل الرمل ألماسا فأي حنان كهذا الحنان المتفرد؟
|
|
أخبريني - لستُ أدري - عن ربابٍ |
في ثوانٍ صار غيماً ثم أمطرْ |
عن مساءٍ صار مثل الصبح نورا |
عن نهارٍ جانَبَ الشمسَ وأقمرْ |
أخبريني - لست أدري - أو دعيني |
كلُّ شيءٍ - فجأةً -حولي تغيّرْ! |
هكذا إحساسنا بالحبِّ، قالتْ. |
أإلى هذا المدى؟!، قالت: وأكثرْ |
شارحا حالة الحب التي لم يستطع أحدهما إنكارها أو تجاهلها، ليصل للجواب النهائي، وببراعة متناهية يجعلها تجيب عنه في البيت الأخير، فالأجدر أن يقول: قلت: أكثر لكنه عندما توحد بها أجابت بلسانه: قالت: أكثر، والمعنى المقصود: قلت أنا أكثر.
|
- كم أنت مبدع هنا وتصل ذروة الارتعاش اللفظي بنهاية قصائدك.
|
|
جازان - أبو عريش |
مدرسة تحفيظ القرآن الكريم الابتدائية |
|