تحليل من طهران - كتبه: أحمد مصطفى
ثمَّن عدد من المحللين والباحثين في الشأن السياسي والدولي الزيارة التي قام بها وزير خارجية ايران إلى المملكة العربية السعودية والذين أعادوها إلى رزمة من الاتصالات الثنائية بين البلدين حيث تأتي زيارة رئيس الدبلوماسية الإيرانية منوجهر متكي إلى المملكة العربية السعودية كمحطة أولى لزيارات تقودها إلى البحرين. وعبر محللون وباحثون إيرانيون ل(الجزيرة) عن اعتقادهم بأن زيارة منوجهر متكي إلى المملكة جاءت بعد اتصالات ما بين طهران والرياض وقد قام بالاتصالات هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني الأسبق والشخصية الثانية في النظام الإيراني التي تحتفظ برصيد كبير من العلاقات الشخصية مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وتشعر حكومة الرئيس نجاد بحالة من الجفاء العربي خاصة بعد قيام مملكة المغرب بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وهي خطوة مؤلمة تلقتها طهران ولم تتمكن من إيقاف تداعياتها. وخلال الأيام التي أعقبت قرار المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران انشغلت الدبلوماسية الإيرانية في إيجاد السبل لإيقاف النزف والتدهور في العلاقات الإيرانية- العربية ولهذا جاءت خطوة متكي الخليجية التي استهلها بالرياض كرسالة مهمة أن إيران تعتبر المملكة لها ثقل كبير في المنطقة لا يمكن تجاوزه. وبحسب مصادر مقربة من الرئاسة الإيرانية أكد ثمره هاشمي كبير المستشاريين للرئيس أحمدي نجاد لـ(الجزيرة): أن إيران تعيش حالة من التشاور في مختلف المسائل السياسية مع الرياض وأن الرئيس نجاد على اتصال دائم مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) وأوضح ثمره هاشمي أن (علاقتنا مع الدول في المنطقة وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي هي علاقات جيدة جداً وإننا نتطلع وفي ظل ظروف الأزمة العالمية إلى تأسيس منظمة اقتصادية إقليمية عبر إحياء المجلس الاقتصادي الإقليمي). ونفي ثمره هاشمي أن تكون لدى إيران أي نوايا إقليمية وأن كل شيء قد تم تسويته فإن إيران تفتخر لأنها تشاطر الدول الإسلامية والعربية بتبني القضايا العربية - الإسلامية المصيرية. والحقيقة أن الدول العربية تعتقد بضرورة أن تتعامل إيران مع القضايا العربية من خلال الدول المعنية ولذلك طالبت المملكة شقيقتها إيران بضرورة الدخول إلى تلك القضايا من خلال أبوابها وليس من خلال الاحزاب التي لا تمثل بالضرورة كل أنصار القضية كما حصل في موضوع حماس وحزب الله؛ ولعل حكمة السعودية تنطلق من عدة اعتبارات: الأول: أن المملكة تريد من إيران أن تضم جهدها إلى جهد الدول العربية وأن لا يقف بالتضاد أو حجرة عثرة أمام مساعي الدول العربية.
الثاني: أن لإيران تأثيراً كما هو واضح في لبنان وفلسطين والعراق عبر الأحزاب وأن ذلك يعرف حسب القانون الدولي بأنه تدخل في شؤون الدول؛ لذلك فإن حكومة المملكة تريد لإيران أن لا تتدخل من الأبواب الخلفية بل من الأبواب الرئيسية أي الحكومات وهي القضية التي أثارها المرجع السيستاني أمام هاشمي رفسنجاني عندما طلب منهم بعدم تبني مواقف بعض التنظيمات لأن ذلك سيخلق حالة من التمزق والتشتت في صفوف المسلمين.
الثالث: أن احترام استقلال الدول يأتي من خلال احترام أبوابها الشرعية وأن ما حدث للبحرين إنما هو درس كبير.
الرابع: أن المملكة ترحب بالجهود الإيرانية وتعتبر الدور الإيراني الإيجابي هو دور محترم إذا أخذ بنظر الاعتبار الهواجس والإرهاصات العربية.