صدر تقرير قبل يومين يتحدث عن تأثير الأزمة المالية العالمية على القطاع الصحي حيث تأثرت توسعات المستشفيات الخاصة وكذلك إنشاء الجديد منها بسبب توقف التمويل أو صعوبته وارتفاع تكاليفه.. وطالب المستثمرون برفع سقف إقراض المالية للمشاريع الصحية الخاصة المتعلقة ببناء المستشفيات من 50 مليوناً إلى 200 مليون للحد الأقصى.. لكن بالرغم من نجاح مشاريع الاستثمار بالقطاع الطبي تبرز مشكلة التمويل اليوم لتبين عمق المخاوف من تحريك الائتمان بأي اتجاه حتى لمثل هذا النوع الآمن من الاستثمار خصوصاً أن التأمين الطبي أصبح إلزامياً مما يعني ضماناً لحركة التدفقات النقدية لمثل هذه المشاريع وتنظيمها وإتاحة الفرص لنجاح المشاريع بشكل أكبر من السابق بكثير إلا أن الملفت هو تقرير وزارة الصحة الصادر عام 2007 الذي أبان أن الإحصائيات أظهرت وجود 123 مستشفى خاصاً على مستوى المملكة و1055 مستوصفاً و407 عيادات.. وهذه أرقام متواضعة كثيراً خصوصاً في مجال العيادات.. فالقاعدة تفرض أن يكون عدد العيادات الخاصة بالآلاف لا أن تكون أقل من المستوصفات.. وهذا يعود لسبب عدم التشجيع عليها وتأمين القروض اللازمة لها بكافة أنواعها سواء تخصص الأسنان أو غيرها فالمفروض أن تتبنى وزارة الصحة مشروعاً كبيراً لتمويل الأطباء السعوديين لفتح عيادات وتسهيل الأنظمة للسماح لأي طبيب بفتح عيادة خاصة له إذا كان مترتبطاً بعمل مع أي قطاع حكومي لأن مثل هذا الإجراء يساهم كثيراً في حل مشاكل عديدة وتخفيف الأعباء على المراكز والمستشفيات العامة والخاصة فبدلاً من انتشار محلات أبو ريالين بالشوراع التجارية والكثير من المطاعم المخالفة للأنظمة الصحية نأمل أن نرى انتشاراً للعيادات الخاصة وتبرز الفوائد المتحققة من ذلك بأمور عديدة فكثير من الحالات المرضية لا تتطلب مراجعة مستشفى فيستطيع طبيب بعيادته الخاصة أن يشخص الحالة ويعالجها مما يعني تخفيف ازدحام المواعيد وتقليص الأعباء على القطاع الصحي بالتخطيط المستقبلي بإنفاق كبير قد يتم الاستغناء عن جزء كبير منه.. كما أن ذلك سيساهم بخفض تكاليف العلاج على المرضى لأن التنافس سيكون مؤثراً على الأسعار فيكفي أن نذكر بتكاليف علاج الأسنان لدينا فلا أمل بقدرة وزارة الصحة بتأمين العلاج للجميع.. وهذا ليس لسبب تقصير منها.. بل لاستحالة حل المشكلة من طرف واحد.. فكثير من المواطنين يذهبون لدول مجاورة لعلاج الأسنان لأن تكاليفه مع الإقامة أقل بكثير من المراكز الموجودة لدينا.. كما أن توسيع قاعدة دعم العيادات الخاصة سيكون له أثر إيجابي على دخل الأطباء ومصدر رزق لهم واكتساب خبرات كبيرة ويعطي المرضى أكثر من خيار لوقت العلاج المناسب خلال اليوم وسيحسن من خدمة المستشفيات الحكومية بتقليل الضغط عليها فيكفي أن نعرف مدى صعوبة تحديد موعد قريب فيها وعدم قدرة الأطباء بالكشف المريح على كل الحالات لكثرتها.. كما أن دور المستشفيات يجب أن يتركز على الحالات التي تتطلب دخولها كالعمليات أو بعض الأمراض المستعصية أو حالات متابعة تتطلب أجهزة معقدة وباهظة التكاليف كما يقضي زيادة العيادات على ممارسات خاطئة يرتكبها البعض لعلاج حالات كالإنفلونزا مثلاً بالتوجه للصيدليات مباشرة وأخذ العلاج منها نظراً لصعوبة وزيادة تكاليف مراجعة المستشفيات أو المراكز الطبية خصوصاً الخاصة من ناحية التكاليف تحديداً.. كما يؤسس ذلك إلى أن يتوسع الأطباء بمشاريعهم إلى مراكز طبية ذات مهنية عالية نظراً لقدرة الطبيب على تحديد معايير المهنة بشكل أفضل من المستثمرين الذين يهتمون بالربح فقط مما شكل ظاهرة خطيرة ببعض الحالات المعروفة وشكل هدراً للمال على المرضى وعلى الاقتصاد ككل نظراً للمبالغة بطلبات تشخيص العلاج من أجل زيادة الفاتورة وعندما حاولت الوزارة سابقاً حل المشكلة باشتراط مشاركة طبيب بالمشروع الصحي انتقلنا لمشكلة أكبر وهي بيع أو تأجير الشهادة لبعض المستجدين دون أن يكون هناك شراكة حقيقية وتسبب بإشكاليات عديدة.
إن بناء الخدمة الصحية يفترض أن يأخذ منحى مختلفاً وجديداً عن السابق فله فوائد عديدة وهي ممارسات متبعة بكل دول العالم فالعيادات الخاصة يفترض أن تكون الخط الأول للمريض وينتقل بعدها إلى الأعلى إمكانية حسب الحالة والحاجة ومن شأنه أن يعيد الكثير من حسابات وزارة الصحة ويخفف عنها أعباء كبيرة تواجهها بالرغم من الاهتمام الكبير والحس بالمسؤولية التي تمارسها الوزارة والدعم الكبير من الحكومة فصحة المواطن هي صحة المجتمع وانعكاسها كبير على كافة نواحي الحياة والأنشطة الاقتصادية وغيرها ومن الممكن بقرارات بسيطة أن نحل إشكاليات مزمنة لطالما أنفقت من أجلها الأموال والوقت دون الوصول للهدف.