يبدو أن العالم يتجه بتسارع واضح نحو المزيد من الركود الاقتصادي، وأكثر منه إلى مزيدٍ من فقد الثقة بالأنظمة المالية والحياتية التي تسيطر على حياة الفرد حيثما كان.
فلم تستطع الرأسمالية بكل تنظيراتها ومرونتها وحرية الحركة الاقتصادية فيها من لجم انهيار الاقتصاد العالمي وفي مقدمته اقتصاد العالم الرأسمالي.
الأزمة غير المسبوقة ليست وليدة العالم الحالي أو الأعوام القليلة الماضية، ولعلها ترجع بداياتها، وإرهاصات نشأتها إلى أكثر من جيل حين أعلنت حرية السوق الاقتصادي وتم رفع كل أشكال الرقابة عنها في بداية ثمانينيات القرن الماضي، تحت نظرية أن السوق أدرى بما فيها وأنها قادرة على رسم خطاها والتحكم في حركتها، وتقويم أي سقطاتٍ لها.
منذ ذلك الحين بدأت أسس هذا الانهيار العظيم، حين تضاعف التضخم مراتٍ عديدة دون أن يدري به أحد أو أن يعيره اهتماماً، إلى أن وصل إلى الدرجة التي لا يمكن فيها السيطرة عليه.
المطمئن وعلى مستوى العالم أن تأثير هذه الأزمة ليس انتقائياً بل إن ضررها قد عم ولم يخص، تماماً كما فعلت الاشتراكية مع اختلاف في معدلات ومستويات هذا الضرر.
الانهيار هو الانهيار سواء كان رأسمالياً أو اشتراكياً، وما دام أن نظاماً ما قابل للانهيار، فهذا يعني أن هناك خللاً في القواعد الأساسية التي قام عليها هذا النظام. فأين الحل إذاً؟! لن يكون هذا الحل خارجاً في أي حالٍ من الأحوال عن الأخذ من كلٍ بطرف لا يكون صالحاً للانهيار.. في ديننا الإسلامي الحنيف أكثر من هذا حيث يمكن للمسلم أن يمتلك ما يستطيع إلى درجة أن يكفي ما له لتجهيز جيش كامل كما كان الحال مع الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه في جيش العسرة، وفي الوقت نفسه فإن بيت مال المسلمين هو الضمانة الحقيقية لحياة الإنسان المسلم بل والمجتمع الإسلامي مادياً وروحياً.
في الأسبوعين الماضيين لاحظت وأنا في أمريكا تغييراً هائلاً على العناوين المالية لكثيرٍ من البنوك والشركات المالية، فكثيرٌ مما كان لم يعد كائناً، لكنني في الوقت نفسه لاحظت أن الخطر الأكبر والضرر الأشد لهذه العاصفة قد وقع على الأغنياء أولاً، وكذلك كان الحال في أوروبا.. هل ينطبق هذا الحال على دول عالمنا الذي ننتمي إليه نحن؟ الإجابة عن هذا السؤال لا يعرفها إلا فقراؤنا... وتاليتها؟!!