Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/03/2009 G Issue 13321
الخميس 22 ربيع الأول 1430   العدد  13321
المنشود
الشيخ الماضي وذاكرة الزمن!!
رقية سليمان الهويريني

 

كابد الشيخ عبد الله بن عبد المحسن الماضي مرارة اليتم في حياته في مدينته حَرمة، وكان لشظف العيش وقسوة الحياة تأثير عكسي في مسار حياته، حيث حولته إلى شخص يتميز بالحنان على أسرته الصغيرة، وعائلته الكبيرة، وبالوفاء لمجتمعه ولوطنه الحبيب.

تلقيت من الشيخ عبد الله الماضي كتابه (ذاكرة من الزمن) حمَّله توقيعه وإهداءه اللطيف، وضمَّنه معرفته بأسرتي الحبيبة ولقاءه مع عمي الشيخ محمد الصالح الهويريني، وثناءه على ابنه الفريق عبد العزيز - حفظهما الله - بحكم الزمالة التي تربطه به إبان عمله وكيلا لوزارة الداخلية.

وهو ما أشعرني بأن هذا الرجل لا يحمل في قلبه حسدا على أحد، بل هو محب لمن حوله، وكريم الأخلاق وعذب السجايا.

إن إحراز الشيخ عبد الله التفوق في زمن لم تكن تتوافر فيه مقومات النجاح لهو أمر عجيب! يظهر ذلك حين نافس على وظيفة بسيطة، ولما لم يحصل عليها تركها وأكمل دراسته ليتقاعد وهو وكيل وزارة الداخلية للشؤون الإدارية والمالية! كما أن سعيه لتقارب أسرته أمر أعجب في زمن كثرت فيه المشاغل، وتباعدت النفوس، وزادت فيه الأعمال. إلا أن إصراره على الترابط والتكافل الاجتماعي الأسري أمر يحمد عليه، ولا سيما إقراره جائزة أسرة الماضي للتفوق العلمي التي تقام سنوياً وتحضرها شخصيات اجتماعية بارزة.

والحق أن هموما كثيرة تسيطر على هذا الرجل، ليست الأسرية فحسب! بل الاجتماعية أيضا، فهو يسعى حثيثا لقضاء متطلبات الناس حسب إمكاناته. ولا يرى غضاضة من الاعتذار عندما لا يتيسر له الأمر.

إننا بحاجة إلى رجال إشعاع في المجتمع تستفيد منهم الأجيال القادمة، فتجاربهم وخبراتهم وآراؤهم تشكِّل في مجملها حكما ونبراسا.

ويعد كتاب (ذاكرة من الزمن) وثيقة تربوية اجتماعية لما يحويه من أسفار من المبادئ والقيم والمعاني الإسلامية الرائدة.

ويتركز جمال السيرة في موضوعيتها وصدق المواطنة والانتماء لهذا الوطن الكريم، إضافة إلى الترفع عن الاستحواذ الشخصي.

وهو ما يشكر عليه ويحسب له، ولا سيما فيما يتعلق بسعيه لإعادة أبناء عمومته من الغربة في العراق إلى بلدهم الحبيب، واحتضانهم والحنو عليهم برغم مشاغله وارتباطاته والتزاماته الوظيفية.

والشيخ الماضي يُعد بحد ذاته دروسا، بل منهجا من الانتماء للوطن والإصرار على مواصلة السير برغم العقبات.

فهو بذلك يضعنا في موقف تحدٍ مع أنفسنا بما يتيسر لها حالياً من مقومات الحياة السهلة التي تسهم بانسيابية في تشكيلنا لنكون على قدر من المسؤولية.

وهو تحد لو تعلمون عظيم!

وحين يُثنى على الشيخ الماضي فلأن سيرته تملأ الجوانح بالأمل، وتشحذها بالطموح، وتُقصي عنها مشاعر التشاؤم الذي يعترينا عندما نسمع عن رجال عبروا بوابة الجغرافيا دون أن يحدثوا حراكا في التاريخ، ليبقوا أنفسهم بمنأى عن المجد حيث لم يثيروا نقعه، وحينئذ فليس لهم موعد مع التكريم، فليبقوا بعيدا عنه يُقلّبوا صفحات أعمارهم التي لم يُكتب فيها سطر من ذاكرة الزمن!

rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد