عندما يدعو حفيد الزعيمة الهندية الراحلة أنديرا غاندي إلى قطع رؤوس المسلمين في الهند في إطار حملته الانتخابية استعداداً للانتخابات التشريعية القادمة فإنه يجسد حالة من التطرف البغيض، تسوقنا إلى الحديث عن ماهية التطرف، ومن هو المتطرف الحقيقي؟.
حفيد غاندي يرى أن المسلمين متطرفون ومخيفون، بل إن أسماءهم بحد ذاتها مخيفة على حد زعمه!. ولا شك أن وصفه للمسلمين بذلك، نابع من حقده على الدين الإسلامي نفسه، لأنه لم يصف غيرهم بذلك، كما أنه يسميهم ويصفهم بديانتهم الإسلامية لتمييزهم عن الآخرين. وبالتالي، فنحن أمام تطرف ضد الدين، وليس تطرفاً دينياً!.
والتطرف في أبسط صوره هو النزوع نحو أقصى اليمين أو أقصى اليسار، أي بعيداً عن الوسط. وبالتالي، فإن التطرف ليس مرتبطاً دائماً بالدين كما هو شائع بسبب زعم كثير من المتطرفين والإرهابيين بأنهم يتصرفون وفق ما يقتضيه الدين، وهو الأمر الذي جعل التطرف يلتصق بالدين التصاقاً تعسفياً، وبخاصة في الإعلام الغربي الذي يشن متطرفوه حملة تشويهية ضد الإسلام بين الفينة والأخرى.
والحقيقة أن الالتزام الديني لا يعني التطرف، بل إنه هو عين الوسطية، لأن الدين - والحديث هنا عن الدين الإسلامي - يحث على الوسطية، إذ إن خير الأمور الوسط، وكما قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً). بل إن البعد عن الدين هو تطرف بحد ذاته لأنه ابتعاد عن الوسطية وأشد أنواعه الإلحاد، ولذلك فإن الدول التي تبنَّت الشيوعية والإلحاد كانت تطرفت إلى حد بعيد في تطبيقها لآيديولجيتها على شعوبها التي حكمتهم بالحديد والنار. كذلك فإن تطبيق الليبرالية والرأسمالية بالقوة هو تطرف أيضاً، وأبرز دول الرأسمالية - ونقصد بها الولايات المتحدة - تطرفت عندما قامت في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن بتقسيم العالم إلى أولئك الذين يقفون معها، والآخرين الذين تعتبرهم ضدها!.
فالتطرف ليس مرتبطاً بدين أو فكر أو أقلية أو دولة ولكن حالة تحصل عندما يكون هناك رغبة في القضاء على الآخر بغير وجه حق، والتعدي عليه باسم الدين كما هو شائع أو بأي اسم كان سواء باسم القومية أو العرق أو المذهب أو غيره من المسميات!.
***