مرحلة جديدة في العلاقات العربية - العربية، تسعى الدول الأربع من خلالها لخدمة القضايا العربية، المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا والكويت، قمة الرياض الصغرى، اتجاه نحو إدارة الخلاف العربي.
الجهد السعودي ومبادرة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله، توجه صحيح وتعقد عليها آمال كبيرة.
وتقول سوريا في قمة الرياض سنسعى حثيثين للسير في طريق المصالحة. والجهد السعودي من أجل التوافق العربي بعيد عن المزايدات ويسير في الخط نفسه الذي انطلق من قمة الكويت في العشرين من الشهر الأول من عام 2009م.
دعوة خادم الحرمين الشريفين واضحة وصريحة في القمة الكبرى في الكويت، (دعوة لطي صفحة الماضي وتجاوز الخلافات العربية)، كلمات جاءت على لسان صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية.
هنالك مؤشرات إلى عودة الدفء إلى العلاقات العربية - العربية، الكل يتمنى لو تبنى هذه العلاقات على أسس اقتصادية وسياسية وتقنية متينة.
ومن المعلوم أنه في وجود الخلافات العربية تحصل تفاعلات دولية، مثل ما اتخذه مجلس الأمن في حق الرئيس السوداني.
ضمن المعادلات (العلاقات السورية الإيرانية)، المنطلقة من الرغبة السورية في إقامة تحالفات إقليمية، ولكن إيران لها أجندات أخرى لا تتفق مع أجندات الدول العربية.
ولعل مشاركة سوريا في قمة الرياض يوجد لها غطاء سياسي يدعم موقفها مع الغرب.
وأخذاً في الاعتبار الإدارة الأمريكية الجديدة والأزمة الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، فمن المستبعد إقدام أمريكا على مغامرة عسكرية ضد إيران، وسوريا تضع هذا الأمر في موازين علاقاتها العربية والإقليمية.
وقد يبعث التقارب الإيراني - الأمريكي الخوف في نفوس من يراهن على علاقاته مع إيران، وخطوات سوريا تتصف بالتأني ولا بد أن رئيسها قارئ جيد للأحداث.
ولقد تمر سوريا بمرحلة انتقالية لكونها في محور مصري - سعودي وفي محور آخر سوري - إيراني، ولكن من المؤكد ألا تقبل أي من مصر والسعودية بهذه الازدواجية.
واختيار التحالف مع إيران أمر مؤقت تستفيد منه كل من سوريا وإيران، إلا أن استفادة إيران منه أكثر من استفادة سوريا.
وعودة سوريا إلى الصف العربي والسير في القضايا العربية، محاولة جادة تضطلع بها مصر والسعودية. أما الموقف السوري، المتمثل في دعم المقاومة الفلسطينية، لا يتجاوز الدعم المعنوي واحتضان رموز حماس المتواجدين على الأراضي السورية، وحتى ذلك الدعم المعنوي لا يرضي الغرب، والتخلي عنه من قبل سوريا غير متوقع.
ولا تخسر سوريا شيئا من دعم معنوي فقط، لا تقدم من خلاله لجماعات المقاومة دعماً مادياً أو عسكرياً، ومع هذا فسوريا تكسب من دعمها المعنوي. الأجواء العالمية مواتية للعرب بأن يقدموا حقوقهم بشكل واضح ومنطقي، ليس كما سبق من قمم لم تستعاد عن طريقها حقوق عربية ولا إسلامية ولم تستطع أن ترد حقا مسلوبا ولا تصد غزواً أجنبياً.
أما مع الأجواء العالمية الحالية وبعد فوز أوباما بالرئاسة الأمريكية لم تتبلور، حتى الآن، ضغوط من قبل الإدارة الجديدة، وتضل القضية الفلسطينية هي العنصر الرئيس، ثم هنالك مجموعة من القضايا الفرعية، وعناصر القوة لدى العرب تقابلها عناصر الضعف لدى الغرب في الوقت الحالي.
أمريكا في أزمة في العراق، إن لم تكن ورطة، وأوباما يصرح بأن الانسحاب في أغسطس من عام 2011م، ومرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من العراق تحتاج إلى ترتيبات إقليمية، وأمريكا في حاجة إلى دول محورية، مثل مصر وسوريا والسعودية، وأمريكا غائصة إلى أذنيها في أزمة اقتصادية، وهي في حاجة إلى أموال خليجية.
وفي ضوء ذلك على الدول العربية أن تتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة وفقا لمبدأ (هات وخذ)، بالطبع شريطة أن يكون الموقف موحداً.
أما اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة هذه الأيام لدمج الحركات والتمثيل النسبي للفصائل وحصر الأجهزة الأمنية في ثلاث جهات: الداخلية والخارجية والوطنية، فشيء يدعو إلى التفاؤل، إلا أن المسعى لتحقيق الوحدة الفلسطينية لا يزال يواجه تحديات ومشكلات.
وهنالك عدد من الأمور: توحيد الصف الفلسطيني والخروج من النفق المظلم والاتفاق حول تشكيل حكومة توافقية بدلاً من حكومة سلام فياض في الضفة وهنيه في غزة.
وكما ذكر عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، (أهمية المصالحة في المسارين الفلسطيني والعربي تشكل موقفاً واحداً في مواجهة الحكومة الإسرائيلية، أياً كانت).
وهناك بوادر أمل لموافقة حماس والجهاد الإسلامي على حل الدولتين وتشكيل حكومة موحدة ومن ثم حل المشكلات المعلقة بنهاية شهر مارس الحالي.
ولعل من مهام الحكومة الانتقالية، المزمع تشكيلها، إعادة إعمار غزة ورفع الحضر على القطاع وتوحيد أجهزة السلطة في الضفة والقطاع، ومن ثم تحقيق الهدف النهائي لإقامة دولة فلسطين المستقلة.