التسخين الإرهابي لم ينته بعد من ربوع العالم العربي والإسلامي، إذ عاد تنظيم القاعدة من جديد ليصدر تهديداته الإرهابية بشكل سافر عملياً في دولة اليمن بعد مقتل السياح الكوريين في عمليتين انتحاريتين أودت بحياة الكثير من الأبرياء، في ذات الوقت الذي هددت فيه أمن واستقرار اليمن اجتماعياً واقتصادياً خصوصاً ضرب مقومات قطاع السياحة اليمني.
ذلك التهديد امتد ليعود مرة أخرى إلى الصومال بعد أن ظهر شريط مصور لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في موقع بالإنترنت يدعو فيه الصوماليين للإطاحة برئيس دولة الصومال الجديد، بمعنى عودة الصراع والقتال ضماناً لعدم الاستقرار السياسي الذي بدوره يهدد أمن واستقرار الصومال اجتماعياً واقتصادياً. التهديدات الإرهابية لتنظيم القاعدة استمرت أيضاً في بلاد المغرب العربي خصوصاً في دولتي المغرب والجزائر التي تصارع لعقود طويلة من الزمن مخاطر التطرف والإرهاب.
العامل المشترك بين الدول السابقة الذي يساعد على بقاء أجواء التطرف والإرهاب السوداء يكمن في وجود نسبة كبيرة من مواطنيها يعانون من مشاكل الجهل الديني وغياب الوعي السياسي وتفاقم حدة الفقر المدقع والبطالة البائسة. هذا تحديداً محور الارتكاز الموجب الذي يعتمد عليه تنظيم القاعدة في استمالة الشباب بأدوات الاستلاب الفكري وغسل عقولهم ومن ثم تجنيدهم وتوجيههم للقيام بعمليات إرهابية في أوطانهم.
منطق الإرهاب وآلياته تعتمد على إقناع الشباب الذين يعانون من ضعف في وعيهم الديني والسياسي بأن ما سيقومون به من عمليات إرهابية هي أعمال بطولية إسلامية تستحق الموت وسفك دماء الأبرياء من المسلمين وغيرهم. هذا هو المنطق الإرهابي بكل بساطة الذي عادة ما يلقى التجاوب من بعض الشباب اليائسين الذين ضاعوا في غياهب الجهل والفقر والحاجة بعد أن غاب عن وعيهم ما سيتسببون فيه من ألم عميق لأسرهم وذويهم.
تكمن المعضلة في أن معسكرات الإرهاب التي تعدهم للقيام بعمليات إرهابية (خصوصاً في كهوف تيزي أوزو) تضج بحالة البؤس والفقر والضياع فأوضاعها المعيشية سيئة للغاية وجميع من يقبعون فيها يعيشون في حالة من الخوف والسرية والتكتم الشديد مع ندرة في الطعام والمؤن وفي كافة الموارد المعيشية الاجتماعية، الأمر الذي ساعد على انتشار الأمراض الخطيرة منها الطاعون الذي قضى على حياة 60 شاباً جزائرياً وتسبب في هروب أعداد أخرى من المعسكر.
على الرغم من ذلك كله يستمر بعض الشباب في البقاء والاستمرار إما مكرهين أو على مضض، هذا ما يفسر إعداد التنظيم الجزائري الإرهابي لأربعين شاباً البعض منهم تساءلوا عن جدوى البقاء في تلك المعسكرات، والبعض الآخر شكك في شرعية العمليات الإرهابية ضد المدنيين.
انطلاقاً من تلك الحقائق دعا حسن حطاب أعضاء التنظيم وأعوانه إلقاء السلاح والاستسلام للسلطات الأمنية الجزائرية نظراً لعقم صراعهم الإرهابي وفشله ولما يتمخض عنه من أضرار بالغة على الإسلام والمسلمين.
من جانب آخر تهكم أبو أيوب المصري في شريط فيديو بثته قناة العربية الفضائية في أحد برامجها، تهكم بالانتحاريين الإرهابيين معلناً عقم وخطورة ما فعلوه ضد الإسلام والمسلمين.
ديدن الأمر وواقع الحال أن الشباب الضائع اليائس في بلاد اليمن والصومال والمغرب والعراق غدوا حطباً رخيصاً للمحارق السياسية والأمنية التي تشعلها زعاماتهم من أجل حفنة من الأهداف المشبوهة أو لإشباع أحقاد وأطماع لا تقل عن تفضيل الذات ولا تكثر عن إثبات واقع موقع في موقع خيالي هلامي ومثالي لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع الحقيقي.
drwahid@email.com