الذين قرؤوا تقرير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، لا شك أنهم سعدوا جداً بالمستوى الذي قطعته المملكة في مسيرتها لتحقيق التنوير والتطوير وقطف ثمار الحراك الإصلاحي، الذي أصبح واقعاً ملموساً وليس كلاماً يُتداول في المنتديات والجلسات واللقاءات والمؤتمرات، فصدور تقرير من جمعية حقوق الإنسان السعودية، وبهذه الشفافية وباللغة التي قرأناها كما نُشر في الصحف السعودية يؤكد أن المملكة تشهد انفتاحاً حقيقياً يشمل كافة المجالات، فالتقرير كُتب بلغة واضحة وصادقة وغير موارية، فذكر السلبيات إلى جانب الإيجابيات وهي كثيرة، وهي وإن لفتت انتباه المتابعين إلا أن الناس اعتادت ترصد السلبيات، إلا أن أكبر الإيجابيات وأكثرها أهمية والتي لا يمكن تجاهلها وتجاوزها هي شفافية الطرح وتسمية الأشياء بأسمائها دون لف أو دوران، فالحديث عن تطوير اختيارات عضوية مجلس الشورى وتحسين أداء ووضع ضوابط لمهام وعمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحديث عن التجاوزات التي تحصل من قِبل بعض الأجهزة الأمنية عند تنفيذ مهامها وتقييم مسيرة انفتاح الإعلام ومحاولة التضييق أو الحد والمساس بالانفتاح وحرية التعبير، جميعها ما كان أحدٌ يقترب منها، وإذ يُحسب للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تضمينها في تقريرها السنوي وباللغة الراقية التي كُتبت بها، وبالشفافية التي أوردت السلبيات دون إغفال الايجابيات، فإن الإنصاف والحق الذي يجب قوله دون إغفاله هو أن عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي فعَّل الحراك الإصلاحي والتنويري، هو الذي أتاح القيام بمثل هذه الأفعال الإيجابية التي تؤكد أن المملكة تشهد حراكاً حقيقياً شمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية، وأن كثيراً من خطوات الإصلاح قد سبقت حتى التفكير بها وقبل الكلام عنها، فإجراءات إصلاح القضاء وتحسين مؤسسات ومناهج التعليم لإعداد مجتمع يتفاعل مع الحراك التنويري والإصلاحي واختيار رجال يتمتعون بعقلية وذهنية منفتحة وقادرة على ترجمة فكر رائد الإصلاح والتنوير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي وضع الأسس الفكرية المستندة على ضوابط الشريعة الإسلامية لمسيرة الإصلاح والتنوير ورفدها بالإمكانيات المادية، حيث خُصصت مليارات الريالات لإصلاح القضاء والتعليم وتطوير الخدمات الصحية، ومن ثم دعم كل ذلك باختيار رجال قادرين على تفعيل الحراك الإصلاحي للانتقال بالمملكة إلى مصاف الدول التي يعتز الإنسان بالانتماء لها والعيش على أرضها وفي كنف ولاة أمر يؤدون الأمانة ويحسنون رعاية شعبهم.
jaser@al-jazirah.com.sa