شهدت الرياض وبعض مدن المملكة قبل أيام عواصف ترابية قوية تسببت في أضرار متعددة من حوادث سير ونقل مرضى الربو وأمراض الصدر للمستشفيات بحالات إسعافية بأعداد كبيرة، وقد اختلفت الجهات المعنية بمسؤولياتها على طريقة البلاغات الصادرة ومدى وضوحها ودقتها، ولكن يبقى السؤال المطروح: كيف نصل بمثل هذه التنبيهات بوقتها المناسب وبطريقتها الصحيحة؛ فلا يكفي أن نعلن ذلك بقدر ما نشرح التصرف السليم للمواطنين بشكل عام؛ حتى يتفادوا الأضرار، ولا يقف الأمر عند حادثة واحدة؛ فهناك حوادث تقع يومياً، سواء مرورية أو حرائق أو اختناقات أو حتى إسعافات لحالات مرضية يقع الكثيرون في حيرة لعدم معرفتهم بالطريقة الصحيحة التي يجب اتباعها. وعلى الرغم من الحملات التوعوية التي تنفذها الجهات المعنية بسلامة المواطنين ووضعها لأرقام سهلة الحفظ أغلبها يبدأ بالرقمين (99) إلا أن الإحصائيات لا تشير إلى تراجع فيها بل تقدر الخسائر إلى الآن بالمليارات على المجتمع عموماً. هذا بخلاف الإعاقات أو الوفيات وما تخلفه من أضرار كبيرة على الأسر وإن كان القدر قد كتب على هؤلاء الناس تلك الحوادث ولكن لا بد من الأخذ بالأسباب وتقديم كل ما يمكن من عمل لتقليص الأضرار؛ فتطور الوعي لدى العموم سيقلل من دور بعضها في تلك المصائب؛ ولذلك لا بد من اتخاذ إجراءات توعوية أكثر تقدماً كإنشاء محطة تلفزيونية تشارك فيها جميع هذه الجهات، سواء مرور أو دفاع مدني أو الأرصاد، وحتى القطاعات الصحية بالمشاركة المادية والعلمية التي يتم من خلالها تمرير البلاغات بشكل مفصل وكذلك نشر الوعي وثقافة التعامل مع أي حدث بشكل مفصل بحيث تقدم مساحة واسعة لكل إدارة بتقديم ما لديها؛ فنعلم أن القنوات، أياً كانت، لا تستطيع أن تفرد مساحات واسعة لمثل هذه البرامج التوعوية بينما القناة المتخصصة ستتمتع بعامل الوقت والمهنية العالية، وقد تكلف هذه القناة بضعة ملايين ولكنها قد تسهم - من خلال ارتفاع الوعي بالمخاطر وكذلك حسن التصرف - في توفير مئات الملايين بخلاف خدمة المجتمع بسلامة أفراده والتنبه إلى أن الاستهتار بخطر معين قد يكلف كثيراً، كما أن التدخل في الحالات الإسعافية بطريقة خاطئة له أضرار كبيرة؛ فكثير منا يشاهد التجمهر عند وقوع أي حادث، سواء كان بسيطاً أو كبيراً؛ مما يعيق وصول المختصين في وقت مناسب، وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم حالة المصابين وكذلك إعاقة السير بشكل لافت دون مبرر، وهناك مَن لديه عمل أو حالة إسعافية لا بد من وصولها في وقت سريع ولكنها تتعطل بفعل (اللقافة) التي تعتبر ظاهرة لم تجد حلاً إلى الآن. هذا بخلاف أن هذه القناة تستطيع أن تقدم برامج تدريبية لكل الناس مع البرامج التي تتم لبعض الجهات كالمدارس وغيرها، وهي بمثابة تجديد معلومات وتطوير لها أيضاً، كما أنها ستؤثر حتى في وعي الأطفال عموماً من خلال البرامج التي تقدم المادة بطريقة شيقة؛ فالكثير يعرف برنامج 911 الشهير ويظهر ليس فقط كفاءة العاملين بل يبين وعي الناس وحسن التصرف عند وقوع أي حادث.
إن استغلال تطور وسائل الاتصال، ومنها القنوات الفضائية، مهم والفائدة المرجوة والمتحققة منه كبيرة جداً نظراً إلى سرعة الوصول إلى المشاهد، كما أنها تحقق توفيراً كبيراً للاقتصاد والمجتمع بشكل عام. إذاً من الضروري استغلالها مع بقية برامج التوعية وكذلك نشر البلاغات عبر كل الوسائل، ولكن يبقى للقناة المتخصصة دورها الأكبر في متابعة الحدث والتجاوب الكبير مع تطوراته؛ فنتمنى من الجهات المعنية - مع تقديرنا لكل جهد يبذلونه وما يحاولون تقديمه من خدمات جليلة موفرين أحدث الأجهزة والإمكانات - أن يتبنوا هذه الفكرة؛ لأنها ستكون صوتهم المسموع دائماً ومساحتهم الواسعة لتقديم كل أفكارهم ومعلوماتهم من خلالها، والفائدة ستكون عامة بإذن الله.