لا يوجد لدينا تعليم أهلي بالمعنى الصحيح.. فهذا المصنف على أنه تعليم أهلي هو أهلي في شقه المالي فقط.. ولكنه حكومي في مناهجه وعدد حصصه ومددها وإجازاته وساعات عمله.
هذا التهميش للتعليم الأهلي صد كثيراً من رجال الأعمال الذين يحملون هَمّ التربية والتعليم عن الاستثمار في مؤسسات تعليمية كبرى.. عوضاً عن تلك المدارس الصغيرة التي تتركز حوارتها مع وزارة التربية والتعليم ليس على مستوى التعليم ولا على المناهج بل على سقف الحدود الدنيا لرواتب المدرسين التي تطلب الوزارة رفعها إلى مستوى معقول يقبل به المدرس العادي!.. وهذه قضية أخرى تشير وبشكل مؤسف إلى أن المعلم في قطاع التعليم الأهلي هو في حالة من الضعف وقلة الكفاءة تجعله يقبل بذلك الراتب المتدني.
كما أن تهميش التعليم الأهلي أوجد مشكلة مؤثرة وخطيرة وهي أن واضعي ومخططي سياسة واستراتيجية التعليم فقدوا الدعم الأهلي الذي كان يمكن أن يشارك في التفكير والتخطيط ومن ثم في النهوض بالوطن تعليمياً.. لذلك فسياسات واستراتيجيات التعليم الأهلي نابعة من رأي الحكومة فقط.. ولا يستغرب أن تكون نظرتهم باتجاه واحد ووفق رؤية واحدة.. وفي مجال التربية والتعليم لا بد من أن ننظر في كل الاتجاهات.
القائمون على التعليم الأهلي في الوزارة لا شك قد ضيعوا سنداً مهماً بفقدهم للمساندة التي كان يمكن توفيرها من قبل القطاع الخاص كالمناهج والكوادر ذات التجربة في التخطيط والتنفيذ.. والتي يملك القطاع الخاص المرونة في استيراد تجاربهم والاستفادة منها.. وإذاعلمنا أن النسبة العالمية للتعليم الأهلي هي (70%) من التعليم العام.. فهي في المملكة لا تزيد على (7%).. كما أن هدف الوزارة المعلن هو تحقيق نسبة (30%) خلال خمسة وعشرين عاماً.. وهذا يوضح لنا أن أمامنا شوطاً طويلاً لتحقيق نصف النسبة العالمية.
ليس هذا وحسب، بل إنه حسب تقرير الوزارة هناك مشكلة أخرى.. وهي أن ميزانية التربية والتعليم خلال العشرين سنة القادمة سوف تحتاج إلى (40%) من ميزانية الدولة وهذا لن يكون متاحاً.. فكيف سيتم حل هذه المشكلة دون الاهتمام بالتعليم الأهلي ورعايته وتنميته؟.
الوزارة تدرك أن مرفق التعليم سيقع في مأزق كبير.. وهي حالياً تعمل جاهدة على دعم التعليم الأهلي من خلال محفزات حكومية مثل منح أراضي المرافق لبناء مدارس خاصة.. إضافة إلى تمويل البناء.. ثم دعم التشغيل.. وكل ذلك جميل ومفيد لكن هذا غير كافٍ.. فنحن الآن في حاجة إلى المشاركة في الرأي والتخطيط والتنفيذ.. ومهما كانت إمكانات كوادر إدارة التعليم الأهلي في الوزارة إلا أن التعليم الأهلي السعودي يحتاج إلى دعم القطاع الخاص.. بل هو في أمس الحاجة إليه.
المطلوب (فوراً) قيام نظام تعليم أهلي كبير ومتمكن يكون الجناح الثاني مع التعليم الحكومي حتى يرتفع بمستوى التربية والتعليم إلى الآفاق التي نرتضيها لوطننا وأمتنا.