يُتيحُ كُلٌّ منا المجال لعواطفه بأن تنطَلق في الطريق الَّذي يرضيه ويُرَيّحه، و رُبما كان هذا سبباً في سلوكٍ غير مسؤول، أو تصرّفٍ مُبَالغ به - أقولُ رُبّما - لكن، حين يكونُ هناك ثَمّة مِقياس يَستحضره الفرد نصبَ عينيه عِندَ كُلِّ تصرّف، (كَأن يضع نفسه مكان الطَرَف الآخر) حينها ستختلف الرؤى، وستنتهجُ ردود الفعل منحى آخر..!
حينَ يتملكك الغضب.. ويعميكَ الحنّق.. ويدفعك الغيظ لتصُبَّ جام قُوّتك على من أخطأ في حقّك..
فقط ضع نفسَّك مكان المُخطئ، وحتماً سَتُغيّر تصرّفك..
وحينَ تتعجّب من سلوك الآخرين، وتستغرب تصرفاتهم معك.. فقط احشر نفسك في بيئتهم، واستشعر ظروفهم.. وحتماً ستلتمس لهم العذر..
وحينَ ترى من ترتسمُ على وجهه سيما الحزن، وفي عينيه تتعثّر دمعة.. وبريقُ الضحكة من شفتيه يخبو، فقط تخيّل نفسكَ مكانه، وحتماً ستجدُ نفسكَ بجانبه مواسياً..
وحينَ ترسو عينيكَ على ثغرٍ ضحوك، وقلبٍ تملؤه البهجة، وتُشِعُّ من أطرافهِ السَّعادة، فقط تفكّر لو أَنَّكَ مكانه، حتماً ستُشاطِره الفرح وستضْحك لضحكه، وسَتُصفِّق لِنجاحاته..
وحينَ تَهُمُّ بالرحيل، مُوادعاً أَحبابك وَمُخَلِّفاً بقاياكَ لِتستفِزَّ ذكرياتهم، فقط تَصّور لو كنت واحداً ممن يُلَوِّح بيد الوداع لحبيب ماضٍ، حتماً سَتُعيدُ النظر في أمرِ رحيلك..
وحينَ تُحِسُّ بالمحتاجِ يمتنعُ عن السؤال تعففاً.. وتُذَكِّرُكَ آهاتهُ المخنوقة بحالتكِ حينَ احتجتَ يدَ العونِ لِتُرَّبِت على كتفك.. حتماً ستكونَ انتَ يد العونِ له بعد الله..!
وحينَ تُواجه من ترتعدُ فرائصهُ خوفاً، ولا يهنأ بِأمن، ويُذَكركَ فُؤادُه المُضطَرِب بحالَتِك حين داهمك الخوف يوماً.. حتماً ستكونَ انتَ ملاذُه بعد الله.. وسَتُفَتِتُ خَوفَه بِمطرقةِ من حديد..
قَبل أن تُقدِم على اتِخاذِ أَي سلوكٍ تحتَ وطأة المشَاعِر المختلفة، وقبل أَن تعتزم التجاهل، اِمنح نفسَك وقتاً لِتجعلها تَقِفُ في الجِهةِ المُقَابلة.. وتَتَلقى تصرفات كَالتي تنوي اتخاذها، تَفَكّر في مشاعرك، في أَحاسيسك آنذآك، عِندها حتماً سترعوي عن تصرفٍ طائش.. وستستبدله بتصرفٍ آخر، يدنيكَ من المثالية..
وقفة..
قَالَ صلى الله عليه وسلّم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حَتّى يُحِبّ لأَخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِه)
مها العيد