رحلات التحدي التي يقوم بها الرئيس السوداني عمر البشير باتت الشغل الشاغل لدى الرأي العام السوداني وبدرجة أقل العربي. فالرئيس السوداني قام برحلات جوية - وهنا نؤكد على الجوية - إلى أربع من دول الجوار، وهي إريتريا المحطة الأولى، ثم مصر المحطة الثانية، ثم إلى إثيوبيا وهي الأخطر بحكم وجود قاعدة عسكرية فرنسية في جيبوتي وولاء إثيوبيا التقليدي للغرب، وأخيرا إلى ليبيا.
وربما هناك دول أخرى على القائمة، ولكن الأهم حقيقةً هو قطر؛ حيث ستنعقد في عاصمتها الدوحة القمة العربية المقبلة؛ فحضور الرئيس البشير إلى القمة سيكون أكبر رد على المحكمة الجنائية الدولية ستفوق أهميته أهمية أي رحلة أخرى لدول الجوار. أما غيابه عن القمة فسيؤكد أن المحكمة الجنائية استطاعت أن تحد من تحركات الرئيس البشير، وربما أضعفته سياسياً، وهنا مكمن الخطر، وسواء غاب عن القمة نزولاً عند فتوى علماء السودان، أو عند رغبة الشعب، فالنتيجة واحدة وهي تحديد قدرة الرئيس البشير على الحركة والتفاعل مع محيطه العربي والتعاطي مع المتغيرات السياسية وغيرها مما يناط به أي رئيس دولة في الحالات الطبيعية، فضلا عن رئيس دولة يواجه الكثير من المشكلات السياسية والإنسانية، كما هي حالة السودان اليوم.
القطريون يقولون إنهم وجهوا دعوة للرئيس البشير لحضوره القمة العربية، وكرروا هذه الدعوة، وقالوا إنهم يحترمون حضور البشير للدوحة لكنهم في نفس الوقت قالوا إنهم يحترمون القانون الدولي! واحترام القانون الدولي تقوله جميع الدول، لكن أن يأتي في هذا السياق فهو ربما له دلالة! وكأن هناك رغبة قطرية خفية في عدم حضور البشير حتى لا تتعرض قطر للإحراج، فوق ما تتعرض له من ضغوط لكي لا تستقبل البشير وفقا لتصريح أدلى به سمو رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.
فهل سيحضر البشير للقمة؟ هذا هو السؤال الذي تغني إجابته عن كل رحلات التحدي لدول الجوار التي تشبه الكر والفر وهدفها لا يتجاوز إرسال برقيات تحد عاجلة للمحكمة الجنائية الدولية لن تحل المشكلة، ولن تخرج السودان من أزمته الحالية!
****