سياسة الشفافية التي تدعو إليها القيادة الحكيمة في كل مناسبة يبدو أنها لا تروق لبعض الجهات الحكومية لسبب أو لآخر، الله يعلمه، لذا تلجأ إلى الصمت عندما توجه إليها أسئلة الكتاب في الصحافة، والجهات المتفاعلة (وقليل ما هم) كثيراً ما تخرج عن موضوع التساؤل.
في مقالة سابقة نشرت هنا وجهت أكثر من سؤال إلى المؤسسة العامة للبريد فكان جوابهم صمتاً، وقد اتصل بي وراسلني بعض المواطنين شاكرين ومبدين امتعاضهم الشديد من سياسة المؤسسة التي أضرت بكثير من مصالحهم وعلاقاتهم الأسرية وسببت كثيراً من اللغط.
صمت البريد ومن قبله ومن بعده صمتت جهات أخرى، مما يجعلنا نوجه الأنظار لديوان المراقبة وهو الجهة التي شهد لها بالمهنية العالية في أدائها لمهامها التي تنص المادة السابعة في نظامه على:
(الرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة، ومصروفاتها وكذلك مراقبة كافة أموال الدولة المنقولة والثابتة ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها والمحافظة عليها).
وإذا كانت الرقابة اللاحقة تعني أن الديوان لا يعنيه المراقبة السابقة فإن المطلوب فقط هو أن يكون للديوان رأي إعلامي فيما ينشر وأن يوجه بضرورة الرد على جميع استفسارات الكتاب التي توجه للجهات الحكومية، وذلك من أجل تبديد الشكوك التي تثار حول هذا الجهاز أو ذاك.
المواطن يكتوي بنار رفع أسعار بعض الخدمات ويأخذ يصرخ هنا وهناك ولا يجد من يرد له الصوت الذي ربما يتحول إلى صوت ناقم على هذه الجهات إن لم تحترم إنسانيته وتراعي ظروفه.
قد نعذر بعض الجهات في عدم تجاوبها مع بعض الأطروحات الإعلامية تغليباً لمصلحة أكبر وهؤلاء نقدر لهم ذلك ولا لوم عليهم، ولكن أن يكون الصمت من جهات خدمية بحتة فهذا أمر غير مقبول البتة، بل يجب وجوباً مساءلة هذه الجهات عن سبب صمتها، وإذا نطقت فيجب أيضاً التأكد من صحة ما تقول، وأن تكون الجهات الرقابية الحكومية هي العون للمواطن في أخذ حقوقه، لا أن تكون في مقعد المتفرج ليس إلا.
إن الإعلام والكتاب على وجه الخصوص هم العين الرقابية لأجهزة الدولة، لذا يجب العناية القصوى بكل ما يكتب وينشر، وألا يمر ذلك مرور الكرام ولا يلتفت إليه إلا بعد إلحاح شديد.
إن الدولة تنفق مئات الملايين على الأجهزة الرقابية التي من المفترض أنها تتابع كل أجهزة الدولة وتسدد أي خلل وقصور، والكتاب يمثلون أقوى الجهات الرقابية ولكنهم يعملون بالمجان ومع ذلك تعمد كثير من الجهات إلى تجاهل ما يكتبون، بل إن بعض هذه الجهات تناصبهم العداء..!
لا أدعي عصمة لكاتب من وقوع في تقدير خاطئ لأداء هذا الجهاز أو ذاك، ولكني متأكد أن الشمس لا يمكن أن تحجب بمنخل كما يقال، فأخطاء بعض الإدارات الحكومية يدركها كل من منحه الله عيناً مبصرة وقلباً واع.
أختم بالقول إن الأمل في تجاوب بعض الأجهزة الحكومية مع ما يطرح بات من المستحيلات إن لم تتدخل الجهات العليا والرقابية وتلزمهم بالتجاوب والتفاعل مع كل ما يطرح.
almajd858@hotmail.com