شركات التأمين يجب أن تطرح منتجاً خاصاً لشريحة المعلمين والمعلمات للتأمين على الحياة بعد أن صارت ظاهرة الاعتداء عليهم من قبل الطلبة والطالبات واقعاً ملموساً، ففي ظرف أسابيع قليلة انتهت قرأنا وسمعنا عن قصص عديدة لاعتداءات تعرض لها بعض المنسوبين لقطاع التعليم بجنسيهم والغريب أن أغلبها حدث داخل المدارس نفسها هذا بخلاف ما سمعناه من قصص لم تنشر إلى الآن ولكن الوزارة بالتأكيد على علم بها فما هي الأسباب التي تجعل من هذه الظاهرة تتكرر خلال فترة قصيرة جداً، والغريب أن أكثر من اعتداء تم نشره عبر الصحف جاء من مدارس البنات، ونعلم أن الوزارة وضعت اسم التربية قبل التعليم في إشارة واضحة لدورها التربوي وتأهيل النشء لدور إيجابي بالمجتمع كعنصر مساند وأساسي للأسر بتربية أبنائهم وبناتهم وليس فقط تلقينهم العلوم ومهاراتها.. والحقيقة أن الوزارة وخلال السنوات الماضية لاحظنا أنها كانت تركز على تطوير المناهج وبناء المدارس وحتى في الإعلام تمت مساندة هذا التركيز من خلال الحديث عن هاتين النقطتين بشكل كبير مع اهمال للجانب التربوي وأهمية إبراز ما يحدث داخل أروقة المدارس من قصص مستهجنة وغريبة يتكرر ذكرها وكأنها من الحوادث الروتينية التي نقرأها يومياً ونشاهدها في الفضائيات.. ومن الجدير ذكره أن نسمع عن قصص اعتداء يقوم بها طلبة بالغرب وكثير منها شنيع، ولكن نرى ردود الفعل عليها كيف تهز المجتمع وتحركه باتجاه معرفة الأسباب ومعالجتها لتقليلها والقضاء عليها قدر الإمكان، بينما لا نرى ردود فعل واضحة من قبل المجتمع عموماً حيال قصص الاعتداء التي حدثت عندنا ولا من قبل وزارة التربية ولا من المؤسسات الاجتماعية أو حتى الإعلامية بكل أنواعها لمناقشة هذه الظاهرة والاقتراب من معرفة أسبابها فلا يجب النظر على أنها حدث جنائي بل يفترض اقتلاع هذه المشكلة من أساسها ومعرفة محفزات حدوثها بهذه السهولة من قبل الطلبة بجنسيهم، فالمسألة لا تقتصر على فرض عقوبات أو عيوب بقوتها فهذا جانب إداري ولكن لابد من سبر أغوار شخصية الطالب ومعرفة الأشياء التي تحرضه للاعتداء على من يعلمه لينير طريقه باتجاه بناء مستقبله العلمي والوظيفي.. فمن الضروري بحث الأسباب ومعالجتها من خلال الكشف عن جوانب القصور التي تحدث فجوات نفسية لدى الطلبة تجعلهم يقدمون على مثل هذه التصرفات مثل إعادة النظر بالأنشطة اليومية المقدمة بالمدارس وتوجيههم نحو تنمية مواهبهم ليس بالشكل التقليدي الذي ملوه وبالتالي لم يعد يلبي احتياجاتهم، فلا ننسى أن هذه الأجيال ولدت وأمامها الكم الهائل من التدفق المعلوماتي عبر الفضائيات والإنترنت، وبالتالي لا بد من تفريغ طاقاتهم بشكل يضبط طريقة تفكيرهم وفهمهم لما يتم تغذيتهم به يومياً من قبل الإعلام بكل أنواعه حتى يكون هناك توازن حقيقي بين متطلبات الواقع وطبيعة المجتمع وما يصب في عقول أبنائنا من كل حدب وصوب.
حقيقة إن هذه الأحداث التي سمعناها تذكرنا بقصة شهيرة حدثت بدولة اسكندنافية عن قيام طلبة بكسر رجل أوزة في حديقة قاموا بزيارتها مما دعا بعض المسؤولين المباشرين عن التعليم بتلك المدينة والمدرسة للاستقالة، معتبرين أن أسلوبهم التربوي لم ينجح بتهيل الطلبة تربوياً لأنهم استهانوا بحياة أوزة واليوم ونحن في بداية مرحلة جديدة تعيشها وزارة التربية والتعليم من خلال قيادتها الجديدة نأمل أن يعطى الجانب التربوي جزءاً كبيراً من الاهتمام، فالانفاق على قطاع التعليم لدينا كبير جداً ولا يقارن بأي دولة عربية أو إسلامية فيجب أن يكون هناك جزء ليس بالقليل للقيام بدراسات وأبحاث لهذا الجانب المهم، فالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية لا يأتي إلا من خلال تنمية الحس بالمسؤولية وفرض الاحترام للمعلمين والمعلمات، فهم بناة حقيقيون للأجيال وقد قال الشاعر أحمد شوقي (قم للمعلم وفه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا) لأنه يسخر عقله لبناء العقول التي تقع عليها مسؤولية الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية وتطويرها وتنميتها، فلا بد من وقفة سريعة أمام هذه الظاهرة التي ينكرها المجتمع بأسره وتنبذها قيمنا الإسلامية التي نفتخر بها فإذا لم يقدر الطالب قيمة من يعلمه كيف سيقدر قيمة الوظيفة التي سيمتهنها مستقبلاً.