لقد قادت البصيرة النافذة الشيخ عثمان الشعلان في منتصف السبعينيات الميلادية من القرن المنصرم للانتباه إلى حاجة المجتمع الماسة إلى تأسيس خطاب دعوي مفارق للتشدد، يتجه إلى التعريف بسماحة الإسلام ويسره، ويهدف إلى تربية ضمير المسلم وتهذيب وجدانه، ويهتم بالتيسير على الناس في عبادتهم ومعاشهم، ولا أدل على ذلك من العنوان الذي اختاره لبرنامجه (وما جعل عليكم في الدين من حرج).

** تقول الكاتبة والأكاديمية المعروفة د. لطيفة الشعلان في مقدمتها لكتاب والدها المعنون ب(هذا هو الإسلام)، إنّ الشيخ عثمان الشعلان ظل يسعى ويحاول انطلاق البرنامج الذي اقترحه لمدة عامين حتى تسنى له البدء في هذا البرنامج عام 1977م.

وتزيد أنها لم تجد من بين مئات الصفحات التي كتبها الشعلان بخط يده، أو تلك الأحاديث التي بثها في الإذاعة على مدى بضع سنوات، لم تجد حديثاً واحداً اعتمد فيه منهج الترهيب والتخويف والتهويل، ولم تجد فيه حديثاً واحداً خصصه لتكريس دونية المرأة، ولم تجد حديثاً واحداً وضعه للتشنيع على المخالفين أو تفسيقهم أو تكفيرهم. هذه المدرسة التي ينتمي إليها الشيخ عثمان الشعلان أيننا منها طوال الثلاثين سنة الماضية..

إنّ أحاديث الموت وغسل وتكفين الجنائز التي كانت تتدلى وتمثل على مسامع تلاميذنا وتلميذاتنا في المدارس من الابتدائي إلى الثانوي، ثم انتقلت إلى المخيمات والاستراحات، ولم تأنف حتى من مناسبات الأفراح ومثلها انتقاء الأحاديث التي توحي بطابعها اللفظي بنقص عقل المرأة وسقوطها السريع في الغواية وغيرها، قد أثقلت كواهلنا وأحالت جيلاً كاملاً إلى جيل بطيء، متردد بين الحياة والموت، تأخذه الريبة في كل مستجد ويداخله الشك من كل متغير..

** لكننا من الفأل بحيث نسعد بوجود الشيخ سلمان العودة بيننا، فقد قال في برنامجه الأسبوعي الكلمة حياة الجمعة الماضية قولاً فصلاً في التدين وسماته الظاهرة والباطنة، والأهم من ذلك تفريقه بين العبادات والتعاملات .. فالدين المعاملة والعبادات يحاسب عليها رب العباد لأنها موجهة له، أما التعامل الحسن فهو ما يقيمه الناس بين بعضهم بعضاً ويقدرون من خلاله مدى إيمان المرء وامتلاكه لأخلاق المسلم.

** كتاب (هذا هو الإسلام) كتاب جدير بالقراءة، ود. لطيفة الشعلان جديرة بأن تعتز بوالدها وجهده الدعوي المبشر بالخير واليسر والمعطي لصورة الإسلام الحقة.