تتصدر مبيعات الكتب هذه الأيام الكتب التربوية المتميزة، وبخاصة تلك التي تتحدث عن العلم الناجح، والمدير المتميز، وذلك نظراً للأهمية القصوى التي يوليها العالم للتربية والتعليم في هذه الأيام، بعد المراجعات المتواصلة لمدخلات التعليم ومخرجاته، وعمليات التقويم المستمرة التي تقف بالمسؤولين في ميدان التربية والتعليم على المستويات التي وصلت إليها طرائق التدريس، ووسائل إيصال المعلومات في ظل ثورة تقنية هائلة غيرت من مفاهيم التعليم وطرق الأداء، وأوجبت على المعلم أن يقفز قفزات عالية للوصول إلى مستوى مقبول في العمل وعلى المدير أن يعي مفردات التعليم، والطرق الكفيلة بالارتقاء بالمعلم والطالب معاً، بل العملية التربوية التعليمية كمسألة متكاملة.
وتعتبر عملية اختيار المعلم من أهم العمليات التي يتم التركيز عليها في الدول المتقدمة، بما في ذلك المؤهلات والدورات والخبرات والثقافات والبيئة الكفيلة بالتحفيز وقبل كل ذلك الدافع الذي يقف وراء أن يكون المعلم معلماً والمدير مديراً.
منذ أيام كنا في حديث عن وضع التعليم وكفايات المعلمين، وعن أسباب التفاوت في التحصيل والإبداع بين الدول المتقدمة ودولنا، وأجمع معظم الآراء على أن إعداد المعلم وأداءه هما الأساس الذي تبنى عليه نتائج العملية التعليمية، ونظراً للمستويات المتدنية لمعلمينا سواءً في الأعداد أو في سبل التطوير، فإن النتائج الهزيلة للتعليم في بلداننا لا تأتي مفاجئة، والشاهد على ذلك وجودنا في ذيل قائمة الدول المتقدمة للاختبارات الدولية في العلوم والرياضيات، بغض النظر عن الرسائل الإلكترونية التي تصلنا لتصف ما نحن فيه من تفوق وتقدم وإنجاز ليس له وجود إلا في خيالات بعض المسؤولين وفي منتديات الإنترنت الوهمية.
علينا أن نعترف أولاً بتردي المقاييس التي يتم اختيار المعلمين بناءً عليها، إذ ليس من الأسس السليمة أن نبقى في اختيارنا خارج دائرة الكفايات العامة التي يمكن قياس الحد الأدنى منها لدى المعلمين والمعلمات. بل إن على اللجان التي أفرزت لاختيار المعلمين أن تعي حدود هذه الكفايات وأن تركز على جوهرها وأهدافها التي بنيت من أجلها، دون أن تنسى جانب الثقافة العامة التي تنقص معظم معلمينا، والتي إن وجدت عند البعض منهم فإنها تأتي مبتورة تتخللها فجوات وينقصها مهارة صاحبها على توظيفها وممارستها في الواقع.
كنت أنصت باهتمام إلى ما يدور، وحين أدلي بدلوي كانت تنتابني بعض الغصة، وأحزن حين يخطر على بالي ما حدث في إحدى قاعات المقابلات لاختيار المعلمات، حيث تبين أن رئيسة اللجنة كانت توعز إلى مساعدتها أن تضع لها علامة فارقة على استمارة التوظيف لكل متقدمة، تبين لها من خلالها إن كانت المتقدمة تضع عباءتها على رأسها أو على كتفيها...!! وتاليتها؟!!!