جاء معرض (إشكالية إنسان) كشاهد من شواهد هيمنة الآلة والتقنية في هذا العصر الذي تتسارع فيه المعطيات الحياتية وأرتام الحياة بشكل عام.. هذا المعرض الخماسي والذي شارك فيه كلٌ من التشكيليات (منال الرويشد- هناء الشبلي - فوزية المطيري- هدى الرويس - عائشة الحارثي)، وهذه بلا شك أسماء لها حضورها السابق في الساحة التشكيلية من خلال اللوحة (العادية). هذه المرة جاء العطاء مختلفاً، وجاء المنجز ليقدم نفسه من خلال وسيط جديد وهو ما عُرف بالفن الرقمي أو (الفن النظيف) كما نعتّه في طرح سابق. قدمت التشكيليات الخمس في هذا المعرض شواهد ومعطيات مختلفة للمضامين والأفكار والرؤى التي لا تذهب بعيداً عن الأطروحات المعروفة لكن التقنية واحدة والوسيط واحد والمعالجة كذلك لكن ما يفرق هذا عن ذاك هو درجة السيطرة والقدرة على توظيف أزارير الحاسب بما يمكن الفنان من التعامل بحرفية دقيقة ومهنية تتطلب المهارة والجرأة وقد أبلت الفنانة منال الرويشد وفوزية المطيري لإيصال وجهة نظر المجموعة حيال هذا الطرح للقلة القليلة التي حضرت للقاعة ذات مساء وحاولتا ومن خلال ثقة تقديم التجربة باسم الجميع على أنها مسار قادم بقوة للساحة ليجاري اللوحة التقليدية لكنه ليس بديلاً كما تقول الأخت منال.. وكما نعلم أيضاً فالرسم الرقمي هو طرح جديد في العالم العربي ولا يزال التعامل معه بحدود جداً ضيقة حتى ان غالبية البلدان العربية لا تزال بعيدة عن التعامل مع هذا القادم الجديد. شخصياً أقدر الجهد الإنساني أياً كان ولدي قناعة تامة بأن أي جهد بشري يتطلب الكثير من التضحيات حتى يصل إلى طرح نفسه وفرض حضوره ومن هنا أيضاً فإنني لست مع أو ضد في هذه المعادلة لكن واقع الحال يقول إن أي طرح جديد سوف يكون غريباً وغير مقبول في البداية لكنه قادر متى ما وظّف بدراية وجسارة ووعي أن يوجد له صوتاً وحضوراً وما شاهدته ولمسته في هذا المعرض من وجهات نظر سواء من الفنانات أنفسهن أو من الزائرين القلة يؤكد هذا التوجه بل إن المسألة تتطلب صبراً ووقتاً وجهداً.. خلاصة الحكاية أن معرض الخمس (إشكاليات إنسان) حراك جديد في الساحة ومؤشر آخر لتنامي الذائقة وتنوع مشاربها وهو بلا شك كغيره من العطاءات الإنسانية يحمل في جوانبه إضاءات إيجابية عديدة كما في المعالجات اللونية والتقنية العالية في أعمال منال وهناء، إضافة إلى ما لدى فوزية المطيري من أطروحات تغوص في أعماق النفس البشرية وما تضمنته أعمالها من دلالات رمزية جاءت مسايرة للحدث وتوقيته كما أن ما قدمته هدى وعائشة جاء أيضاً كاملاً للمنظومة التي تتفق في الوسيط والتقنية وتختلف في الرؤى والمضامين وعلى الرغم من على كل ما قيل وسوف يُقال من أن هذا النوع من الطرح قد يجيده غير الموهوبين ممن يجدون التعامل مع أزارير الحاسب وتقنياته المختلفة إلا أننا سوف ننتظر لقادم الأيام بإذن الله ولن نستبق الحدث فما قُدم في المعرض من جهد جديرٌ بأن يشار إليه بالبنان . تحية كبيرة للتشكيليات الخمس على هذا الحماس وهذه الجرأة وهذه المعايشة لمعطيات العصر بكل حرفنة واقتدار.
sada-art@hotmail.com