جدة-(الجزيرة):
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) تنطلق غداً السبت الثامن والعشرين من شهر جمادى الأولى الجاري 1430هـ -بمشيئة الله تعالى- فعاليات المؤتمر الثامن لاجتماعات وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي تتواصل أعماله في المدة من (28- 5-1-6-1430هـ المقابل 23-25-5-2009م) وذلك في محافظة جدة تحت عنوان: (الأمن الفكري ودور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في تحقيقه)، بمشاركة (62) دولة بقاعة هيلتون الكبرى بفندق هيلتون جدة.
وستنظم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بهذه المناسبة وعلى هامش المؤتمر معرضاً يبرز الجهود التي قامت بها المملكة العربية السعودية ممثلة في الوزارة في مجال عمارة المساجد، والمراكز الإسلامية، والأوقاف، والبرامج والمناشط الإسلامية الأخرى، إضافة إلى جهودها في مكافحة الإرهاب والغلو والتطرف.
ويناقش المؤتمر الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، وهي: (خطة الارتقاء بالمساجد موقعاً ورسالة، وخطة إصدار كشاف عن الأوقاف في العالم الإسلامي، والتجديد في الفكر الإسلامي والخطاب الديني بين الثوابت والمتغيرات، ودور الدعوة الإسلامية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وحوار الأديان والحضارات، ومشروع برنامج الوسطية منهج وحياة، والتنصير في بلاد المسلمين، وتقرير حول تقدم العمل بصندوق الاستثمار في ممتلكات الأوقاف بالبنك الإسلامي، وتقرير عن انجازات المشاريع التنفيذية لتنسيق جهود الدول الإسلامية في الأوقاف).
ومن ناحية أخرى، أعرب عدد من أصحاب المعالي وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في كل من سوريا، ومصر، والسودان، عن شكرهم وتقديرهم لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، على استضافتها للمؤتمر، واحتضانها أمانته، وهي امتداد لما قامت به المملكة باستضافتها لأربع مؤتمرات سابقة، مؤكدين أن المملكة العربية السعودية سباقة لكل عمل خير ومفيد للإسلام والمسلمين.
تعزيز العمل الإسلامي
بداية عبر معالي وزير الأوقاف السوري الدكتور محمد عبدالستار السيد عن سعادته بالمشاركة في المؤتمر الثامن، لافتاً النظر إلى أن وزارة الأوقاف السورية شاركت في كافة مؤتمرات وزارات الأوقاف التي دعيت إليها، وكان لها حضورها ونشاطها في إغناء هذه المؤتمرات من خلال المشاركة في القرارات والتوصيات التي اتخذتها، وكذلك المقترحات التي قدمتها، بالإضافة إلى المشاركة بلجان الصياغة والتوصيات التي شكلتها تلك المؤتمرات.
وتطلع معاليه إلى مزيد من تعزيز العمل الإسلامي المشترك على مستوى العالمين العربي والإسلامي، خاصة أن المؤتمر سيناقش موضوع: (الأمن الفكري) وهو من الموضوعات الهامة خاصة في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية لاسيما وأننا نتعرض لسهام غزو فكري كثرت أساليبه في مجتمعاتنا الإسلامية، ومن أبرز أغراضه تشويه صورة هذه الأمة ونعتها بالتطرف والإرهاب والتشدد، ومن أغراضه أيضا حشد الرأي العام العالمي على الإسلام والأمة العربية بشكل عام.
وأشار معاليه إلى أن القرارات والتوصيات التي اتخذها الوزراء في مؤتمراتهم السابقة اتخذت بدقة وعالجت جميعها المواضيع التي طرحتها في تلك المؤتمرات ولاقت اهتماماً وترحيباً من قبل وزارات الأوقاف في عالمنا العربي والإسلامي، وكانت في صالح العمل الإسلامي، بيد أن هناك بطء في ترجمة هذه القرارات والتوصيات على أرض الواقع، ولعل أحد أسباب هذا البطء هو عدم جدية عمل لجان المتابعة التي تنبثق عن هذه المؤتمرات، وكذا التنسيق بين عدد من وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية محدود جداً، في حين نحن بأمس الحاجة إلى مزيد من التنسيق، والتعاون، وتبادل الخبرات.
وأهاب معالي وزير الأوقاف السوري (في هذا الصدد) بجميع وزارات الأوقاف في عالمنا الإسلامي أن تهتم وتحرص على زيادة التواصل والتنسيق فيما بينها، وأن تبذل الجهد اللازم لدعم مسيرة العمل الديني والوقفي، وإبراز فضائل الوقف وثوابه وثمراته على أبناء هذه الأمة، وأنه لابد في هذا المجال من التعاون بين وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية فيما بينها ومع مؤسسات العمل الأهلي بشكل أكبر وأوسع، والاستفادة من الخبرات المتاحة، خاصة في مجال تنمية الوقف واستثماره الاستثمار الأمثل ليعود على مجتمعنا الإسلامي بالخير والنفع العام.
واختتم الوزير السوري معبراً عن تقديره الكبير لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر، وقال: إنها ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها المملكة مؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، ولقد كانت المملكة سباقة إلى رعاية وتنظيم المؤتمرات التي تعقد على أرضها المقدسة على أكمل وأتم وجه، مهيأة كافة الأسباب لنجاحها ولتحقيق مقاصدها، وأهدافها.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لهذا المؤتمر أسباب النجاح، وأن يحقق الأهداف المرجوة منه كما هو عهد المملكة في مؤتمراتها السابقة.
تحقيق التواصل
ورأى معالي وزير الأوقاف بجمهورية مصر العربية الدكتور محمود حمدي زقزوق أن المؤتمرات السابقة لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في بلدان العالم الإسلامي أسهمت في تحقيق التواصل بين الوزراء المعنيين، وتبادل الأفكار والخبرات، ومناقشة مختلف القضايا التي تهم الأمة الإسلامية، وكل ذلك يصب في مصلحة العمل الإسلامي المشترك، متمنياً أن يحقق المؤتمر الثامن لوزراء الأوقاف الآمال المعقودة عليه في التوصل إلى قرارات، وتوصيات تدعم مسيرة العمل الإسلامي، ولفت الدكتور زقزوق إلى أن مصر قامت بتنفيذ ما سبق أن قرره المؤتمر في بعض دوراته السابقة، من ضرورة الحفاظ على التراث الإسلامي، وجمع المخطوطات، وإنشاء مكتبة وطنية في كل دولة، وأنشأت الوزارة منذ خمس سنوات (المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية)، وجلبت لها أكثر من عشرة آلاف مخطوط من المساجد، يتم ترميمها وتصويرها وفهرستها والحفاظ عليها، لتكون عوناً للباحثين في التراث الإسلامي.
وأكد أن التنسيق قائم بين وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية حول إحياء الاهتمام بالأوقاف ورعايتها وتنميتها، وهناك العديد من البلاد الإسلامية تتبادل مع وزارة الأوقاف المصرية الخبرات في مجال إدارة الأوقاف، واستثمارها، وأساليب تنميتها، والحفاظ عليها، وأوجه إنفاقها.. ولاشك أن هذا الاهتمام كان نتيجة طبيعية لما سبق طرحه في المؤتمرات السابقة من أفكار، وما تم اتخاذه من قرارات وتوصيات، مشيداً باستضافة المملكة للمؤتمر الثامن للأوقاف، وأن المملكة العربية السعودية احتضنت منذ البداية مؤتمرات وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقد عقدت معظم هذه المؤتمرات على أرضها، فالمملكة سباقة دائماً للقيام بكل مامن شأنه خدمة الإسلام والمسلمين على مختلف الأصعدة، وهذا أمر مشكور نسجله بكل تقدير.. ونسأل الله للمملكة ملكاً وحكومة وشعباً المزيد من التقدم والازدهار، والمزيد من العطاء من أجل نهضة وتقدم العمل الإسلامي في جميع المجالات.
توحد الرؤى
كما أكد معالي وزير الإرشاد والأوقاف بجمهورية السودان الدكتور أزهري التجاني عوض السيد أن الاجتماعات واللقاءات بين وزراء الأوقاف بادرة مهمة لتوحد الرؤى والأفكار، ولتلاحق التجارب والمعارف للاستفادة من كافة هذه التجارب، لدعم مسيرة العمل الإسلامي والوقفي، مشيراً إلى أن الرأي العام في هذه المؤتمرات أنها تتخذ العديد من القرارات والتوصيات، إلا أنها تفتقد الآليات الفعالة للمتابعة والتنفيذ كما أنها تفتقد إلى تفعيلها داخل المجتمعات، ومؤملاً في الوقت ذاته أن تكون هنالك آلية مشتركة لتمويل المشروعات الوقفية، وتنزيلها أرض الواقع، كما أن هنالك أيضا عددا من القضايا والمشاكل الوقفية، والمتعلقة بالأوقاف ونأمل أن يتوحد حيالها الخطاب والرؤية.
وبعد أن لفت معاليه إلى الدور التاريخي والمهم للأوقاف في التنمية الاجتماعية في العالم الإسلامي، وما ينتظر أن تحدثه الأوقاف من نهضة في واقع مجتمعات المسلمين، عبر عن اعتقاده أن التنسيق بين الوزارات في العالم الإسلامي غير كافٍ أو أقل بكثير من المهمة الموكلة الواجب إنجازها في مجال الأوقاف، وقال: أعتقد أن الأمر يحتاج إلى تفعيل أدوار مهمة، مثل الدور الذي يؤديه بنك التنمية الإسلامي بجدة، وصندوق تنمية واستثمار الأوقاف التابع له، واقترح الدكتور أزهري التجاني على وزارات الأوقاف في بلدان العالم الإسلامي إعداد دراسة تحصر الأصول التي تمتلكها الأوقاف لتنظر كم هي هائلة قيمة هذه الأصول، وتحدد خيارات استثمارها، والعائدات المتوقعة منها، والخدمة التي يمكن أن تقدمها في مجال محاربة الفقر، وقيادة التنمية الاجتماعية.
وفي رده على سؤال عن استضافة المملكة للمؤتمر، قال الوزير السوداني: عندما تكون المملكة هي المكان لانعقاد أي مؤتمر، أو لقاء إسلامي يناقش قضايا الأمة الإسلامية المصيرية، فإن هذا المكان وحده له ظلاله الروحية والإيمانية، له دفعه وشحذه للهمم، ودوافع العمل بحسبان أن المملكة العربية السعودية هي مكان تنزل الرسالة الإسلامية الخالدة، وموقع ميلاد رسول الهدى والنور -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة أن قيادة المملكة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين، هي بلا جدال القيادة الحقيقية للعالم الإسلامي، التي تجد من كافة الدول التقدير والاحترام، تقديراً لجهدها ملكاً وحكومة وشعباً في قضايا الوحدة والتضامن في العالم الإسلامي، وتصديها الدائم لقضايا الأمة المصيرية، ممثلة في القضية الفلسطينية، وقضايا الشعوب الإسلامية المستضعفة.. إضافة إلى قيامها على ركن من أركان الإسلام هو الحج رعاية ووفادة وخدمة لإراحة ضيوف الرحمن، والتطوير المطرد للمشاعر المقدسة، كل ذلك يجعلنا بدوافع الإيمان نثق في أن اجتماعات العالم الإسلامي التي يستضيفها ويرعاها خادم الحرمين الشريفين هي اجتماعات مباركة ومثمرة، نظراً لما توفره لها المملكة من عوامل النجاح.