يقبع في البيوت اليوم عدد كثير من ذوات الخدور المحصنات العفيفات، تقلب إحداهن وجهها في السماء فلا ترى فيها من قزعة، إن رفعت بصرها لا ترى إلا سقف البيت، وإن أدارته ذات اليمين أو الشمال فلا ترى إلا جداراً يكاد يتميز عليها من الغيظ سآمة لكثرة ما رآها، وإن نظرت إلى الخلف رأت شبابا قد هدته الأماني وأتعبته الأحلام، وإن نظرت إلى الأمام رأت مستقبلاً لا يكاد يتماسك من هزاله لطول انتظاره، إنهن أخواتنا اللاتي ينتظرن الانتقال من حياة العزب والأوهام إلى عش الزوجية والوئام. يا أصحاب الضمائر الحية، والحجا الأبية!! ما وجدتم لمعاناتهن متنفس، ولمضيقهن مخرج؟ هذا يحجب موليه عن الزواج بحجة العصبية، وذاك بسبب الطمع في مرتبها، وآخر لأن ابن عمها حيرها وهي لا تريده، وأخرى معلقة، وتلك معضولة... وأخرى وآخر. كأن أولئك لم يكونوا ببلد إسلام، يسمعون آيات الله فيه تتلى عليهم في هذا الشأن صباح مساء، في المساجد، وعبر وسائل الإعلام، ثم يصر أحدهم مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا. هذا كله وغيره إن كانت المرأة ضعيفة لا تستطيع إخراج حقها بنفسها وقد قيدتها عن ذلك بعض العادات والأعراف التي ليس لها مستند من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تكون تلك المسكينة ألعوبة في يد سفهاء القوم. المؤمل والمرجو ممن له من الأمر شيء التدخل السريع لإنقاذ من قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في حقه: اللهم إني أحرج حق الضعيفين المرأة واليتيم. رواه أحمد وغيره. وأنتي أيتها الأخت الصابرة راجعي نفسك المرة تلو الأخرى فلعلك فعلت وأقدمت على ما كان سببا لما حصل لك، فإن لم تجدي فاعلمي أن ذلك من البلاء المحض فالصبر الصبر!! والله تعالى يقول:
{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
والله حسبنا ونعم الوكيل.
*حائل