المملكة العربية السعودية قبلة الإسلام والمسلمين وانطلاقاً من دورها الرائد في خدمة الإسلام والمسلمين وحوار الأديان أصبحت وجهة إقليمية وعالمية لتنظيم المؤتمرات العربية والإسلامية والعالمية، ولذلك تعمل المملكة وتبادر كعادتها في تنظيم المؤتمرات والمشاركة الفاعلة فنجدها في المؤتمرات العالمية تتبنى وجهة النظر التي تؤازر القضايا الإسلامية وحقوق العرب والمسلمين وتتخذ مواقف ثابتة وقوية مما أكسبها احتراماً ومكانةً مرموقةً على مستوى العالم، أما على صعيد العالم العربي والإسلامي فتعد المملكة داعماً رئيساً للترابط الوثيق بين دول العالم الإسلامي ومواقفها وآرائها داعمة لوحدة الكلمة وتعميق الأخوة الإسلامية والبحث عن المصلحة للشعوب الإسلامية مما يحقق رخاءها ونموها، وهذا الشهر كانت المملكة خلية نحل من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها فعقد مؤتمر مجلس التفاهم العالمي الذي ناقش قضايا دولية عالية الأهمية وبشفافية عالية على رأسها الأزمة المالية وسبل توفير الطاقة والسلم والأمن العالميين.
وهذا الأسبوع يعقد المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري المفاهيم والتحديات والذي يشارك فيه نخبة من أصحاب المعالي الوزراء والعلماء والأكاديميين ويضم جدول الجلسات مواضيع ومحاور ترسخ الأمن الفكري في المجتمع وتعالج الممارسات المتطرفة بشكل علمي.
كذلك استضافتها للمؤتمر الثامن لاجتماعات وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي يعقد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) تحت عنوان (الأمن الفكري ودور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في تحقيقه) يوضح ذلك الدور المهم الذي تؤديه المملكة فإن أهمية هذا المؤتمر تتضح من خلال الأجندة المقدمة للمناقشة فإنها تتناول قضايا غاية في الأهمية منها على سبيل المثال خطة الارتقاء بالمساجد موقعاً ورسالةً، خطة إصدار كشاف عن الأوقاف في العالم الإسلامي، التجديد في الخطاب الديني بين الثابت والمتغيرات، دور الدعوة الإسلامية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، حوار الأديان والحضارات، مشروع برنامج الوسطية منهج وحياة، التنصير في بلاد المسلمين وغيرها من القضايا الكبرى وفي اعتقادي أن كل موضوع من المواضيع المطروحة للنقاش دلالة على أهمية هذا المؤتمر الذي أعدت له المملكة إعداداً جيداً وهيأت الظروف المناسبة للخروج بنتائج وقرارات وتوصيات تخدم المسلمين في أنحاء العالم وتعود بالفائدة على المجتمعات الإسلامية لأن تحقيق الأمن هو غاية بحكم أنه السبيل للحياة الكريمة المستقرة فلا تنمية بلا أمن ولا اقتصاد بلا أمن ولا اطمئنان بلا أمن، قال الله تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش4) فربط سبحانه وتعالى في هذه الآية بين الاقتصاد والأمن فهما قرينان لا ينفصلان.
إن المملكة العربية السعودية جعلت خدمة الإسلام وتعميق مبدأ الأخوة الإسلامية والحوار بين الأديان هدفها الرئيس، وكل هذه الجهود والإنجازات التي نراها بادية للعيان في خدمة تعليم القرآن الكريم ونشره والعناية بكتاب الله الكريم وخدمة الأقليات المسلمة ودعم المراكز والمؤسسات التعليمية الإسلامية ودعم أنشطتها وتقريب وجهات النظر بين دول العالم الإسلامي لتحقيق التضامن الإسلامي ورعاية المؤتمرات الإسلامية والمشاركة فيها وتقديم رؤية واقعية للوسطية البعيدة عن الغلو والتفريط كل تلك الجهود تؤكد حرص المملكة على رفعة وعلو شأن الإسلام والمسلمين فهي لم تكتفِ بتقديم الدعم المادي والتنموي لدول العالم الإسلامي بل تعمقت أكثر من ذلك لمعالجة ما يعانيه المجتمع الإسلامي من أزمات فكرية، لذلك نتمنى أن يخرج أصحاب المعالي وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية من مؤتمرهم هذا بنتائج تلبي الطموحات وتحقق الأمن وتدحض السلبيات الداخلية والخارجية التي تستهدف المسلمين كافة.والله الموفق..
* رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة