تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - استضافت مدينة الرياض، وتستضيف محافظة جدة، مؤتمرين يبحثان قضية الأمن الفكري، الأول هو ما نظمه كرسي الأمير نايف ابن عبدالعزيز بجامعة الملك سعود (المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري: المفاهيم والتحديات)، وله عدة محاور ترتكز حول تحديد المفاهيم، وتأصيل المبادرات الشرعية، والمعالجات الفكرية والثقافية والتربية الاجتماعية، ويشارك فيه نخبة من أصحاب المعالي، والفضيلة، والسعادة من العلماء، والمفكرين، والباحثين، والمتخصصين.
والمؤتمر الآخر في محافظة جدة، وهو المؤتمر الثامن لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، بمشاركة 62 دولة، ويبحث موضوع: (الأمن الفكري وكيفية تحقيقه).
ويجمع بينهما موضوع واحد، ألا وهو (الأمن الفكري)، وقضية الأمن الفكري، وإن كثر الحديث عنها، وتناولها مؤخراً، فهي قضية حيوية وخطيرة ومهمة، واهتم بها المفكرون والساسة والقادة في مختلف دول العالم، فالأمن مطلب الشعوب جميعاً، وفي المجتمعات الإسلامية هي أولى بها، فالإسلام دين الأمن والأمان أولاً، ثم إنه في ظل الأمن والأمان به تستقر أمور الدنيا والدين، فلا عبادة بلا أمان واطمئنان، ولا أمن بلا إيمان، وللحفاظ على الأمن جاءت الشريعة الغراء بالعقوبات الصارمة، وحفظت للأمة في قضاياها ما يتعلق بالحق العام، والحق الخاص.
والأمن الفكري كما هو مرتبط بسائر عناصر الأمن، فإن مقوماته لا تقتصر على أساس واحد، فالتعليم والإعلام والتوجيه الديني كلها مؤثرات في هذا الجانب، ولذا فلابد أن يتوافر في التعليم العلم النافع المستمد من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح البعيد عن الغلو والتطرف، والحذر من الإقصائيين الذين يريدون تنحية الدين عن التعليم، أو التعليم عن الدين، وأما الإعلام فهو لا يقتصر في حيويته وأهميته على ذاته فقط، بل ربما يكون معول هدم أو معول إصلاح، وربما يقوض أو يساعد بقية العناصر.
وأما التوجيه الديني، فإن على الدعاة والخطباء ومن في مقامهم مسؤولية عظيمة لعدة أسباب، في مقدمتها أن ما يدعون إليه هو الإسلام، والإسلام دين الأمن والسلام، بل إن مقاصد الشريعة بنيت على تحقيق الأمن والأمان، وحفظ النفوس والأعراض والأموال والحقوق من أن تنتهك أو يعتدى عليها، والأمر الآخر أن سوء فهم البعض لسماحة الإسلام وتعاليمه قد يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام لدى غير المسلمين، حيث ينعتونه بالإرهاب والتطرف، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إعاقة عمل الدعوة ونموها في بعض المناطق.
وهذا الوقت يستلزم من المعنيين بالأمن الفكري في جميع البلدان الإسلامية، التعاون وتكثيف الجهود، فالأمر لا يتعلق بأمن بلد واحد، بل هو أمن أمة، وأمن مجتمع، ومع تعدد وسائل الاتصال والتقنية أصبح هناك تأثير على العقول والأفكار، على الرغم من تباعد الأجسام، ونتمنى اقتراح الحلول والمعالجات ضد الأفكار الدخيلة على ديننا ومعتقداتنا.
alomari1420@yahoo.com