بدأنا في الآونة الأخيرة، نسمع كثيراً - على المستوى المحلي - أن فلاناً ناشط في حقوق الإنسان، وفلانة ناشطة في حقوق المرأة، وهكذا من أنواع الأنشطة التي يحتاجها مجتمعنا لأنها المحرّك الفاعل لكافة القضايا المتخثرة في شرايين الوطن على مدى سنوات الجمود.
دبت في شراييننا الحياة الحقوقية، وزادت فاعلية هذه الأنشطة في المجتمع السعودي قبل حوالي خمس سنوات خصوصاً بعد قرار إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، كان ذلك الحدث استثنائياً بكل المقاييس. أتذكر يومها كنت أعمل في صحيفة الوطن السعودية محررة في مكتب الرياض، فاتصل بي أحد الزملاء من المكتب الرئيس في أبها يبلغني بهذا الخبر وأن عليّ المشاركة في هذا الملف العاجل الذي تم إيقاف طبعات الصحيفة لحين تجهيزه. وقتها غمرتني السعادة وقرَّرت أن أعمل ما بوسعي في هذا الوقت المتأخر من الليل للمشاركة بمواد صحافية تليق بهذا الحدث.
بعد هذا القرار، بدأت الجمعية عملها سريعاً، وبدأ الناس يستوعبون بعض المصطلحات الجديدة والتي يُعتبر السعوديون حديثي عهد بها، خروج عدد من عضوات وأعضاء الجمعية للعمل الميداني وبروز تصريحاتهم الصحافية على الصفحات الأولى في الصحافة المحلية وحتى العالمية، ربما يكون قد أثار شهية (البعض) ممن لا ناقة له في مسائل الحقوق ولا جمل ليحذو حذوهم طمعاً في المانشيتات الحمراء والزرقاء والخضراء، واختلطت الأمور والتبست في بعضها فظهر من لا يحمل أي قضية، ولا يُدرك أبجديات الحق الإنساني ولا حتى (الوطني) وصار يُطلق هنا تصريحاً وهناك شجباً واستنكاراً، طمعاً في الظهور الذي وللأسف أتى على حساب الضحايا ممن وثقوا بمثل هذا الشخصية واستأمنوها على قضاياهم، وهذا وجه سلبي يُخاتل العالم من تحت لحاف القضايا الإنسانية وما هو إلا مصلحة ذاتية ومضرة وطنية.
في الوقت نفسه، مَنح قرار إنشاء الجمعية الفرصة أمام البعض الآخر من الصادقين الجادين، والمتسوعبين أيضاً لأبعاد المسائل الحقوقية وأوضاعها وحاولوا جاهدين أن يجدوا لأنفسهم ولو مساحة صغيرة للمشاركة النابعة من إيمان بوجود انتهاكات كالتي تحصل في كل المجتمعات الإنسانية لذا يجب أن تُرصد وتُكشف وتُوضع داخل تنصيصات الدفاتر والأوراق والمقالات التي تظهر للرأي العام وتدفعه باتجاه الإيجابية في التعامل مع مثل هذه القضايا.
ما بين الفريقين، الحقيقي والمزيّف أجد حلقة مفقودة، هي لقب (ناشطة) و(ناشط) الذي صار يحملها كل من هبَّ ودبَّ، كما هو الحال عندما صار كل ملتح يحمل لقب (شيخ) بمن فيهم خفافيش الإنترنت.
الإنترنت بما له من مميزات إلا أنه أظهر لنا على الساحة أموراً مزوَّرة من بينها الفئة التي أتحدث عنها في هذه المساحة، ومن هنا أتطلع لأنظمة وقوانين توصيفية لهذه المسميات، وأن يُعاقب كل من يُطلق على نفسه لقب (ناشط) أو (ناشطة) دون وجه استحقاق، لأن هذا اللقب السامي في معانيه ومحتوياته يحتاج إلى عمل دؤوب وفكر واع وقضية حقيقية ليناله الشخص باستحقاق، أما من كتب له مقالاً في الإنترنت أو ظهر على أكتاف قضايا المساكين وأطلق تصريحاته هنا وهناك، أو حتى في مقابلة تلفزيونية بعدها يلبس هذا اللقب فهنا يجب أن نكون أكثر وعياً ونقول (لا).
كاتبة من السعودية
mogn_samar @yahoo.com