Al Jazirah NewsPaper Wednesday  27/05/2009 G Issue 13390
الاربعاء 03 جمادىالآخرة 1430   العدد  13390
المفهوم الواسع لمبادرة خادم الحرمين للاستثمار الزراعي الخارجي
د. عقيل محمد العقيل

 

قرأت غير مرة أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي الخارجي جاءت للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تفعيل الاستثمار الزراعي السعودي الخارجي كمسار ثالث جنبا إلى جنب مع مساري الاستثمار الزراعي السعودي المحلي واستيراد المواد الغذائية من الخارج، وذلك بعد الارتفاعات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية في العامين الماضيين بالتزامن مع الاستنزاف الكبير للثروة المائية غير المتجددة في بلادنا والتي تستهلك الزراعة أكثر من70% منها سنويا.

ولكن بعد أن اطلعت على لقاء تلفزيوني في برنامج من المسؤول في قناة الاقتصادية الفضائية الذي استضاف كل من الدكتور عبدالله العبيد وكيل وزارة الزراعة للأبحاث عضو اللجنة الوزارية المعنية بتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في الخارج، والدكتور محمد بن سليمان الراجحي رئيس مجلس إدارة الراجحي الدولية للاستثمار التي تستثمر 1.5 مليار ريال على حوالي 93 ألف هكتار في كل من مصر والسودان، أقول بعد أن اطلعت على هذا اللقاء تغيرت قناعاتي حيث اتضح لي أن هذه المبادرة أوسع بكثير مما قرأته، وذلك بعد أن أوضح الدكتور عبدالله العبيد أن المبادرة تستهدف زيادة الاستثمارات الزراعية السعودية خارج البلاد بتوظيف ما تراكم لديها من خبرات في الداخل خلال أكثر من 30 سنة بما يوفر المنتجات الزراعية الأساسية وغيرها لأسواق المملكة ولأسواق الدول الحاضنة لتلك الاستثمارات.

وهذا ما أكده الدكتور محمد الراجحي الذي أوضح أنه ليس من المعقول أن يقوم المستثمر السعودي باستيراد كل ما ينتج إلى بلادنا من ناتج تلك الاستثمارات دون تغذية الأسواق في تلك الدول بجزء من هذا المنتج حتى وإن سمحت الاتفاقيات مع تلك الدول على اعتبار أن ذلك غير أخلاقي بصورة أو بأخرى، وأقول إن هذا توجه محمود يجعل لمبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي مفهوما أوسع من قضية تحقيق الأمن الغذائي المحلي إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي أو العالمي، فدون أدنى شك أن أية زيادة في الاستثمارات الزراعية ستساهم في زيادة المعروض من المنتجات الزراعية في السوق العالمية بما يحقق التوازن المطلوب بين الطلب والعرض العالمي على تلك المنتجات، وبالتالي توفيرها بشكل مستدام وتهدئة أسعارها بما يجعلها متناولة من قبل المستهلك.

هذه المبادرة الكريمة أيضا يمكن أن تشتمل على مفهوم هام وحيوي آخر وهو رفع مساهمة الاستثمارات الخارجية في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال إيجاد أدوات لرفد الاقتصاد الوطني بالإيرادات من قطاع أخر غير قطاع النفط، وكلنا يعلم أن دول خليجية مجاورة باتت تحقق إيرادات كبيرة من الاستثمارات الخارجية تساهم بشكل كبير في تعزيز موازناتها السنوية بالإضافة للإيرادات النفطية.

أيضا المبادرة يمكن أن تلعب دورا كبيرا في تعزيز مكانة المملكة العربية السياسية خاصة إذا تم التنسيق بين كافة أذرع الحكومة الخارجية بما في ذلك الصندوق السعودي للتنمية، حيث يمكن للمملكة تعزيز مكانتها السياسية في الدول المستقطبة للاستثمارات السعودية في القطاع الزراعي من خلال المساهمة في تطوير البنى التحتية المحفزة للاستثمارات الزراعية السعودية والميسرة لتحقيق أهدافها كتطوير الطرق والموانئ وشبكات الري والسدود والموانئ وغير ذلك، وهو ما سينعكس إيجابا على مكانة المملكة السياسية لدى تلك الدول.

وكل ذلك يشير إلى أن للمبادرة مفهوما واسعا إذا أخذنا كل أبعادها بعين الاعتبار، وعملنا على تفعيل تلك الأبعاد وفق خطط تأخذ في عين الاعتبار وضع معايير صارمة مدعومة بدعم معلوماتي وفني ومالي وتسويقي وسياسي لكل مستثمر زراعي سعودي يريد الاستثمار في إطار المبادرة على اعتبار أن فشله لم يعد يعود عليه فقط، كما هو الوضع قبل المبادرة، وإنما أصبح يعود على المبادرة وبالتالي على سمعة الوطن وكل من يستثمر خارجيا في إطار المبادرة والعكس حال نجاحه، مدركا بأن القائمين على تأسيس الشركة السعودية للإنتاج الزراعي والحيواني التي انبثقت عن المبادرة سيأخذون كل ذلك بعين الاعتبار.

****



alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد