Al Jazirah NewsPaper Wednesday  27/05/2009 G Issue 13390
الاربعاء 03 جمادىالآخرة 1430   العدد  13390
صندوق النقد الدولي شختك بختك
محمد سليمان العنقري

 

ينكمش أو ينمو من الممكن أن يحدث تباطؤ حقيقة هي أبرز العناوين التي اعتدنا على قراءتها في تقارير صندوق النقد الدولي ولن نقول إن فيها تناقضات بل تباينات كبيرة كونها تصدر في فترات متقاربة ولكن ما يهمنا من هذه التقارير أن فيها شمولية بالتقدير فهي لا تفرق كثيرا بين اقتصاد وآخر بل تنظر إلى الدول النامية على أنها شكل واحد في هيكليته دون إعطاء أي اعتبار لما يعتمد عليه اقتصاد كل دولة من دول العالم الثالث فهناك دول تعتمد على الزراعة وبعضها على الخدمات أو النفط كحال دول الخليج وفي تقريره الأخير حول المملكة أوضح الصندوق أن اقتصادنا سينكمش بنسبة 1% والسبب يعود لتراجع أسعار النفط بسبب انخفاض الطلب عالميا ولكن التقرير لم يعر أهمية كبرى لحجم الإنفاق الحكومي الكبير بالميزانية العامة وحجم الفوائض الكبيرة التي تمثل الدعامة الكبيرة للاقتصاد وستحميه من تقلبات أسعار النفط وستعوض أي عجز قد يحدث خلال العام الحالي والسنوات القادمة فعملية الفصل بين إيرادات الدولة من النفط ومحركات الاقتصاد بسياسة مالية توسعية ونقدية حصيفة التي لم يظهر التقرير أثرها وأهميتها ومبالغة الصندوق بالتشاؤم حيال أسعار النفط رد عليها وزير المالية من ضمن سياق عدم نظرة التقرير إلى تفاصيل الحركة الاقتصادية السعودية والخطوات التي اتخذت سابقا ولاحقا وأوضح على أهمية تقدير معدلات النمو الحقيقية بالاقتصاد بفصل بين ما سيحققه الإنفاق الحكومي والقطاع الخاص من تأثير بمعدلات النمو كون الشريحة الكبرى تعمل وتتأثر من خلاله ويخلق فعالية بكافة القطاعات ويحقق الفائدة للاقتصاد الكلي والجزئي بينما أثر عائد النفط على النمو الاقتصادي بقي في إيرادات الميزانية ولا يعمل به كافة القوى العاملة بالمجتمع كما أن طبيعة المرحلة الحالية المتأزمة تفرض تقديرات مختلفة لمحركات الإنقاذ والنمو، أما ما يخص وضع جميع الدول سواء بالخليج أو العالم النامي بسلة واحدة من النظرة والتقدير جعل من وصفات صندوق النقد محل نقد، فنجد أن التوصيات تصدر للدول بشكل واحد تقليص الدعم وفرض الضرائب دون التقييم لواقع الاقتصاد ومستوى معيشة المواطن التي تختلف من دولة لأخرى وهو ما حدا بماليزيا أن تضرب عرض الحائط بنصائحهم وتقدير حل أزمتها في التسعينات بطريقتها التي جعلتهم يعترفون بأنها أفضل من إرشاداتهم، كما أن الصندوق لم نسمع له تحذيرا من وقوع هذه الأزمة العالمية سابقا، ولم ينتقد الدول الكبرى اقتصاديا صانعة الأزمة في أنظمتها وتهاونها بمراقبة الأسواق لديها، كل ما سمعناه من الصندوق صرخة مدوية من رئيسه قبل أكثر من عام يحذر الدول صاحبة الفوائض المالية من عواقب عدم مشاركتها بحل الأزمة وإنقاذ تلك الدول صاحبة التميز بكل شيء حتى بحجم كوارثها وطالبنا من جملة من وجه ندائه لهم بضرورة إنقاذ شركاتهم وبنوكهم والاستثمار بأسواقهم وشراء منتجاتهم وكأننا الترياق الذي سيبرئ جسدهم الاقتصادي المسموم من علله المزمنة.

صندوق النقد يبقى مؤسسة دولية تحمل أهمية كبرى ويجب أن يغير من طرق تعاطيه مع الدول ودراسة اقتصادياتها بعمق وفهم أكثر من ذي قبل حتى لا تصبح تقاريره عديمة الأهمية وتصبح على مبدأ إما تصيب وإما تخيب، كما أن الأزمة تفرض عليه إعادة صياغة توجهات تقاريره وتقديم النصح للكبار فهم أكثر حاجة له من غيرهم والاستفادة من تجارب وخبرات كل الدول بمعزل عن حجم اقتصادها وتصنيفه بين نام وناشئ ومتقدم، فهناك دول وعلى رأسها المملكة قدمت نموذجا يحتذى به خلال تعاطيها مع الأزمة قبل أن تحدث وعالجت كل ما كان يعترض مسيرة التنمية بها من خلال سياساتها التي أفضت إلى تكوين فوائض تقيها شر هذه الأزمة بكل المقاييس وابتعاد تام عن المخاطر لأنها اعتبرت أن سياسات الدولة الاقتصادية عنوانها الرئيس قوة الاستقرار المالي لاستمرار النمو المتوازن وامتصاص أي تبعات سلبية قد تواجهه كحالة الأزمة التي يعيشها العالم اليوم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد