الجزيرة - محمد العيدروس:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين ورئيس مجلس أمناء جائزة المليك العالمية للترجمة، حرص خادم الحرمين الشريفين على التفاعل والتواصل بين أبناء الشعوب والثقافات ورغبته الدؤوبة في تأصيل الأعمال النافعة لخدمة الأمة العربية والعالم كافة.
ونوه سموه في حوار لـ(الجزيرة) بحجم التفاعل من جميع الهيئات السعودية والعربية والعالمية لنيل شرف المشاركة في الجائزة وترشيح أفضل الأعمال المترجمة.
وفيما يلي نص الحوار:
* كيف يرى سموكم أثر جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في دورتها الثانية؟
- الحقيقة التي يدركها الجميع، وخصوصاً المتابعين لهذا المشروع الثقافي والعلمي الكبير, أن هذه الجائزة العالمية التي تتشرف بأن تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - نجحت بكل المقاييس في أن تحدث أثراً كبيراً مع حداثة عمرها في عالم الترجمة من وإلى اللغة العربية، ولا سيما في مجال العلوم التطبيقية, وأن تستحوذ على اهتمام عدد كبير من الجامعات والمؤسسات العلمية والمراكز البحثية والأكاديميين والمهتمين بالترجمة عموماً, وليس أدل على ذلك النجاح من تزايد عدد الأعمال، والجهات التي تقدمت للجائزة في عامها الثاني بالعديد من الأعمال المتميزة في جميع فروعها.
* يشهد العالم بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خدمة الإنسانية ودعم آليات الحوار بين الثقافات والحضارات.. فما موقع هذه الجائزة من هذه الجهود؟
- تبني خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - هذه الجائزة يمثل عملاً جديداً من بين اهتماماته وجهوده في خدمة الإنسانية, ومد جسور التواصل والتعاون بين أبناء الثقافات والحضارات, ومن المعروف أن الترجمة وسيلة ضرورية لتحقيق هذا التعاون والتواصل، والاستفادة من إنجازات كافة الحضارات، وفتح مجالات أوسع للحوار الموضوعي والتلاقح الفكري.
وقد انطلقت هذه الجائزة من قناعة كاملة بأهمية هذا التواصل الحضاري بين جميع الدول والشعوب، لما فيه من خير للإنسانية وتشجيع لقيم الحوار وتبادل المعارف والخبرات, ومن يدقق النظر في تاريخ العلاقات الإنسانية يجد أن الترجمة قامت بدور عظيم لتحقيق هذه الأهداف في عصور كثيرة، باعتبارها جسراً من جسور التواصل مع الآخر، ومعبراً لانتقال كافة العلوم والمعارف.
* يرى البعض أن هذه الجائزة العالمية يمكن أن تكون بداية لرؤية ثقافية عربية تعنى بالترجمة الشاملة، بهدف دفع عجلة التقدم العلمي... فإلى أي مدى تتفقون مع هذا الرأي؟
- الأمة العربية في حاجة إلى رؤية شاملة تعنى بالترجمة في كافة العلوم، بخاصة العلوم التطبيقية بكل إنجازاتها وابتكاراتها, وفي ذات الوقت التعريف بإنجازات وإبداعات العقل العربي ووضعها في خدمة الإنسانية، ولاسيما في هذا العصر الذي أصبح فيه العالم بحق قرية صغيرة لا مكان فيها للانعزال أو الانغلاق. وهذه الجائزة العالمية خطوة كبيرة باتجاه تحقيق هذه الرؤية, فقد آن الأوان لتقوم الترجمة بدورها في تضييق الفجوة العلمية بين الغرب والشرق, ودعم الدول العربية للحاق بركب التطور العلمي, ووقائع التاريخ تحكي كيف نجحت الترجمة في نقل إنجازات العلماء العرب والمسلمين إلى أوروبا في عصور سابقة, وساهمت بذلك في نهضتها. وكلنا أمل أن تكون جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة حافزاً لاستثمار المشاريع العربية المتنوعة للترجمة، لبناء مشروع عربي كبير ومؤثر في خدمة الطموحات العلمية والحضارية لجميع الدول العربية.
* تعليقكم على إقامة حفل تسليم الجائزة للفائزين هذا العام في رحاب مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالمملكة المغربية؟
- أشرنا سلفاً إلى أن الجائزة انطلقت من قناعة كاملة بأهمية التواصل الحضاري بين الدول والشعوب، وتشجيع قيم الحوار وتبادل المعارف والخبرات لما فيه خير الإنسانية، والموافقة الكريمة على إقامة حفل تسليم الجائزة في المملكة المغربية يجسد هذه القناعة، ويؤكد في الوقت ذاته عالمية الجائزة.
ويشرفني بهذه المناسبة أن أرفع أسمى آيات التقدير والعرفان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرعايته الكريمة للجائزة.
كما أتوجه بالشكر الجزيل لجلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية على تواصله الكريم مع برنامج هذه الجائزة العالمية، ولمعالي مدير مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية وإلى فعاليات المشهد الثقافي المغربي بأسره.
ولا ننسى أن بلاد المغرب كانت بوابة عبور الحضارة العربية والإسلامية إلى الغرب, فضلاً عن دورها الفاعل في إثراء حركة الترجمة بالكثير من المؤلفات في مختلف اللغات.. ونحن نشعر بالتفاؤل بأن هذه الخطوة، التي تتمثل في إقامة حفل تكريم الفائزين بالجائزة هذا العام، سوف تضاعف من قدرتها على تحقيق أهدافها وتأكيد عالميتها وتعظيم آثارها.
* أشار سموكم إلى تفاعل المؤسسات والهيئات العلمية الأجنبية مع الجائزة, فماذا عن المؤسسات والهيئات السعودية؟
- هناك إقبال كبير من جميع الهيئات السعودية والعربية والعالمية على نيل شرف المشاركة في الجائزة، وترشيح أفضل الأعمال المترجمة في جميع فروعها، وهذا مؤشر واضح على نجاح الجائزة في تشجيع جهود الترجمة داخل المملكة وخارجها.. ولعل فوز مركز الترجمة بجامعة الملك سعود بالجائزة هذا العام لجهود المؤسسات والهيئات خير دليل على ذلك, كذلك فإن فوز كل من الدكتور بندر العتيبي والدكتورة هنية أحمد بالجائزة في ترجمة العلوم الإنسانية إلى اللغة العربية يؤكد تفاعل الأفراد مع الجائزة وتسابقهم لنيل شرف الترشيح لها.
ونتوقع بمشيئة الله تعالى إقبالاً أكبر من جميع الهيئات والمؤسسات العلمية السعودية خلال السنوات القادمة.
* لكن هل ثمة جهود تنظيمية لتحقيق عالمية الجائزة؟
- لقد بدأت جهود التعريف بالجائزة منذ انطلاقها العام الماضي, من خلال خطة أقرتها أمانة الجائزة وشاركت في تنفيذها سفارات وقنصليات حكومة خادم الحرمين الشريفين في جميع دول العالم، وقد استفادت هذه الخطة من علاقات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بعدد كبير من الهيئات الثقافية والعلمية في ترشيح أبرز أعمالها للجائزة، وسوف تواصل مكتبة الملك عبدالعزيز وأمانة الجائزة هذه الجهود لتكثيف برامج التعريف بالجائزة على أوسع نطاق.
* تكرم الجائزة هذا العام عدداً من أصحاب العطاء المتميز في مجال الترجمة من العرب والأجانب, فما معايير اختيار المكرمين؟
- تكريم أصحاب الإسهامات البارزة في مجال الترجمة من وإلى اللغة العربية إضافة جديدة للجائزة هذا العام, فضلاً عن مبادرة أمانة الجائزة ممثلة في مكتبة الملك عبدالعزيز بطباعة عدد من الكتب المترجمة القيمة, وقد نبعت فكرة التكريم هذا العام بعد حجب الجائزة في فرع ترجمة العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى, حيث ارتأت أمانة الجائزة توجيه القيمة المالية في هذا الفرع إلى تكريم بعض أصحاب الجهود المتميزة في ميدان الترجمة، وطباعة عدد من الأعمال المترجمة البارزة وفق معايير ترتبط بحجم الإنجاز ونوعية الأعمال التي تولى المكرمون ترجمتها، ووقع الاختيار على الشاعرة الفلسطينية الكبيرة سلمى الخضراء الجيوسي, والأكاديمي الألماني هاندرتش هارتموت, وكلاهما له إسهامات كبيرة في ترجمة الأدب العربي والعلوم الإسلامية إلى اللغات الأخرى.
ونأمل أن تستمر الجائزة خلال السنوات القادمة في تكريم أصحاب الجهد المتميز في مجال الترجمة ممن لم يتقدموا للاشتراك فيها.