ومهما بلغ الإنسان من قوة فإنه لن يقاوي إلا إنسان مثله، لكنه يضعف أمام كثيراً مما خلقه الله من غير بني آدم.
|
ولقد ضرب الله مثلاً لضعف من يدعي القوة القاهرة من بني الإنسان في أبسط خلقه وأقله شأناً وأضعفه قوة، وهو الذباب، وذلك من الاعتبار بتذلل الإنسان، بل تحدى الله الإنسان به أن يخلص من الذباب ما يأخذه منه حينما يقع على الطعام أو غير الطعام فقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}{ 37}سورة الحج.
|
وورد ذكر الذباب في بعض مصادر التراث الأدبي التي أولت البحث فيه اهتماماً كثيراً، أذكر على سبيل المثال ما جاء في حياة الحيوان الكبرى للدميري، أنه ورد في مناقب الشافعي أن المأمون سأله فقال: لأي شيء خلق الذباب؟ فقال: مذلة للملوك، فضحك المأمون، وقال: رأيته قد وقع على جسدي فقال: نعم ولقد سألتني عنه، وما عندي جواب، فلما رأيته قد سقط عليك بوضع لا يناله منك أحد، ففتح الله لي فيه بالجواب، فقال: لله درك.
|
ومن الشعر الذي ورد فيه ذكر الذباب ما قاله ابن الرومي:
|
يذكرني الشباب رياض حزْنٍ |
ترنّم بينها زرقُ الذباب (2) |
(2) ديوان ابن الرومي 1-327 |
|