من أعظم الفجائع أن ترى الكثير ممن حولك قد زينوا معاصمهم بساعات باهظة الثمن وهم لا يدركون قيمة الوقت!
وأدهى المصائب أن يشتكي الكثير من الملل ويتوجعون من بطء تحرك عقارب الساعة غير مدركين أنّ الأيام تعمل فيهم وكل ما انفضت ساعة انقضى بعضهم!
قتل متعمّد للوقت وتفنّن في هدره والنتيجة:
مواهب موؤودة
وإنتاجية ضعيفة
ومنجزات هزيلة
يقول د. بكار: إنّ الحساسية العالية تجاه المسافات الزمنية والمكانية من أعظم الأمور التي مكنت الكثير من الرموز على العطاء والتفوق تأملوا في تلك المشاهد العجيبة:
الخليل بن أحمد كان يقول: أثقل الساعات عليّ ساعة آكل فيها!
النووي - رحمه الله - لا يأكل في اليوم إلا أكلة واحدة مخافة إضاعة الوقت!
ابن عقيل يختار سف الكعك على أكل الخبز لما في المضغ من تضييع للأوقات!
عبيد بن يعيش ثلاثون سنة لم يأكل بيده في الليل حيث كانت أخته تلقمه وهو يكتب!
المجد بن تيمية الجد إذا دخل الخلاء أمر من يقرأ عليه!
ابن عقيل - رحمه الله - ألّف 850 مجلداً في كتابه العجيب الفنون، وابن جرير كتب 300 صفحة في التاريخ ومثلها في التفسير ،فهل امتلك هؤلاء العظماء أكثر من 168 ساعة في الأسبوع!
ولكنها الغفلة وسوء استشراف المستقبل وضعف الإحساس وبلادة العقل هي من أفقدت الكثير الإحساس بأهمية الوقت.
يروي الشيخ المفضال سليمان الراجحي قصته مع أحد أبرز رؤساء الشركات السويسرية عندما تأخر عليه لخمس دقائق فرفض مقابلة الشيخ رغم أنّ الشيخ قد سافر خصيصاً لتلك المقابلة! ونحن للأسف تأخر الساعة وأكثر يظل أمراً طبيعياً! من يستقري أوضاع الناس ويتتبع أخبارهم يصدم من جهلهم بأهمية الوقت وعدم تقديرهم لتلك النعمة العظيمة فمن عظم البلية أن ترى أشخاصاً يفرحون بمرور الأيام ويسرون بانقضائها!!! واحسب أنّ هؤلاء السفهاء مضيعي الأوقات المبذرين لأعمارهم أجدر بالحجر عليهم من مضيعي الأموال، فالمال يعود ولكن من يعيد العمر؟
وهذا هو أحد التفاسير المنطقية لتخلفنا، فإنّ مقياس تقدم الأمم وازدهار الحضارات هو حسن استغلال أفرادها لأوقاتهم! فالأمم لن تتقدم ولن ترتقي في سلم الحضارة ما لم يتعامل أفرادها مع الوقت كمنتج حضاري أغلى من الذهب والألماس, وإليك بعض التوجيهات المعينة:
1- لا فائدة من إدارة الوقت بدون وجود أهداف تحقق فيه، لذا فالخطوة الأولى هي وضع قائمة أهداف (يمكن العودة لدورة قوة الهدف قبل 45 يوماً في هذه الصفحة).
2- خصص عشر دقائق قبل خلودك للنوم لتخطيط عملك اليومي، ومن الأفضل أن تخطط لكل أسبوع وهو لا يغنيك عن التخطيط اليومي.
3- احرص على أن تكون ساعات يومك الأولى فعالة فهي غالباً التي سوف تحدد مستوى مزاجك مدار اليوم.
4- من الأهمية بمكان أن تتعامل مع الأهداف بحسب أهميتها فالسر يكمن في التوقف عن القيام بالأعمال والنشاطات غير المهمة واستبدالها بأمور مهمة.
5- إنّ أعظم قاتلات الوقت هي الهاتف والتلفاز والضيوف الثقلاء وعدم القدرة على قول (لا) فسيطر عليها ما أمكنك.
6- قسم الأعمال إن كانت صعبة أو ضخمة إلى أجزاء أصغر وكافئ نفسك عند تحقيق كل جزء.
7- استعن بالتقنيات الحديثة لاغتنام الفرص وتحقيق الأهواء، وكذلك لتنظيم وقتك، كالإنترنت والحاسوب وغيره، وتأكد أن تنظيمك لمكتبك، غرفتك، سيارتك، وكل ما يتعلق بك سيساعدك أكثر على عدم إضاعة الوقت.
8- وأخيرا تذكّر أنّ إدارة الوقت تتطلّب إرادة قوية وسيطرة على الأهواء، وتملكاً وتحكماً بالنفس أكثر من أي شيء آخر، فثابر وواصل وسوف تجني الثمار اليانعة.
ومضة قلم
تذكّر أنك تكتب قصة حياتك في كل دقيقة
****
khalids225@hotmail.com