يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
ويقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما ابن آدم حتى يسأل عن أربع: عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه).
ويصف علي بن أبي طالب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيقول بأنه كان إذا أوى إلى دخول منزله جزأ نفسه إلى ثلاثة أجزاء:
جزءاً لله، وجزءاً لأهله وجزءاً لنفسه ثم جزءاً جزأه بينه وبين الناس.
وقد نقل عن ابن جرير الطبري المفسر المشهور أنه قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فقال: إنا لله! ماتت الهمم، فاختصر في نحو ثلاثة آلاف ورقة. وكان بعض أصحاب شمس الدين الأصبهاني يقول عنه: إنه كان يمتنع كثيراً من الأكل، لئلا يحتاج إلى الشرب، فيحتاج إلى دخول الخلاء، فيضيع عليه الزمان.
وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول: أثقل ساعة عليّ، ساعة آكل فيها. وذلك من شدة حرصه على وقته.
إن الوقت ثروة حثنا عليه خالقنا جل جلاله وامتثل به قدوتنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسرى على خطاه سلفنا الصالح والوقت يمضي سريعاً، وسرعان ما يفلت ويضيع. ونحن محاسبون على أوقاتنا هذه فالوقت هو حياتنا وهو الوسيلة لنا لتحقيق أهداف وإنجازات كثيرة مع الله جل شأنه، مع النفس، مع الأهل والأقارب، مع الحياة الدنيا والأخرى.
يقول الشاعر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع
أهمية الوقت تكمن في أنه أغلى ما يملك الإنسان، فهو الحياة الدنيا، وهو مزرعة للحياة الآخرة. فالوقت لا يتوقف ولا ينتظر أحداً، فإما أن تستغله وإلا مضى، وإذا مضى فإنه لا يعود ولا يمكن استرجاعه.
الوقت سريع الانقضاء، وكل شيء في هذه الحياة ينبئك بأنّ الوقت يمضي سريعاً (نبضات القلب، الشروق والغروب، التنفس، تكرار المناسبات، تعاقب الفصول، مرور السنوات) والوقت لا يُباع، ولا يُشترى، ولا يُدَّخر، ولا يُخزَّن، ولا يُستعار، ولا يُسرق، ولا يُغتصب، ولا يُصنَّع، ولا يمكن إطالته ولا تعويضه.
ومع أنّ كمية الوقت متوفرة للجميع بصورة متساوية، إلاّ أن تعاملنا معه يخلق فارقاً عظيماً في قيمته لدى البعض عن البعض الآخر، فنحن لا نتحكم في الوقت ولكن نتحكم في تصرفاتنا وكثيراً ما نرى الوقت يعمل لصالح البعض، ولا يعمل لصالح البعض الآخر ولا يكون الوقت معك إلاّ بحسن إدارته من أجل تحقيق الأهداف وخلق التوازن في الحياة، فالاستفادة من الوقت هي التي تحدد الفارق ما بين الناجحين والفاشلين في هذه الحياة. والكثير ممن تضيع أوقاتهم بغير فائدة هم أناس غير حازمين, وفي كثير من الأحيان مترددون, لا يستطيعون أخذ القرارات ولا إصلاح الخطأ في حياتهم فانج بنفسك وارسم لحياتك لوحة جميلة مع تنظيم وقتك لتدرك قيمة الثروة التي بين يديك.