أجرت مجلة اليمامة في عددها 2051 الصادر يوم السبت 8 ربيع الآخر 1430هـ الموافق 4 إبريل 2009م حواراً مع الكاتب والناقد الرياضي البارز الأستاذ تركي بن ناصر السديري، وفي ثنايا إجاباته على أسئلة الصحفي الأستاذ شقران الرشيدي قال السديري إنه يرى نفسه منتمياً للرياضة النبيلة التي قدمها للإنسانية مجتمع المدينة المنورة العربي المسلم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.. وممكن تقول عني (داعية رياضي). لذلك انطلاقاً من سطور أستاذنا تركي السديري عن نفسه وصفته هنا في عنوان هذه المقالة بالداعية الرياضي، ولكن ماذا عن الفرحة التي انتابته؟!.. الإجابة في جريدة الشرق الأوسط في عددها 11131 الصادر يوم الأربعاء 25 جمادى الأولى 1430هـ الموافق 20 مايو 2009م في مقال الأستاذ تركي تحت عنوان: (يحدث في القضاء الأعلى)، حيث كتب في الجزء الأخير منه شعوره حول تطور المدرج الرياضي قائلاً: أفرح بتواجد مؤشرات دلالية على نضوج وتطور عقلية المشجع السعودي وهو تأكيد على التغيير الذي تحدثه التنمية السعودية في هذا المدرج، وهو ما يحتم حتمية مواكبة هذه التطويرية من قبل النادي والاتحاد والمؤسسة والإعلام الرياضي، ومن الأمثلة الناضجة الدالة على مستوى نضوج المشجع الرياضي ما تناوله في صفحة الرأي الرياضي في جريدة الجزيرة القارئ محمد السالم والقارئ سليمان الجعيلان.. الأول كتب مقالة تحت عنوان (برلمانيو التأزيم الكويتي والمشهد الهلالي) والآخر مقالة تحت عنوان: (عفواً رئيس الهلال.. سنبدأ بالمحاسبة من الآن)، هاتان المقالتان نموذج لما بات عليه المشجع الرياضي من استقلالية في الرأي والخيار فلم يعد تابعاً قطيعياً بوصلته نوازعه التشجيعية، ولم يعد ساذجاً في فكرته ورأيه بل تجده مملوءاً بالمعرفة والثقافة ومتحصلاً على تحصيل علمي كبير.. فعلاً أكثر مخلوقات الرياضة السعودية تطوراً هو مدرج الكرة الذي لا يمل من التجديد والتجدد والتطور.. مقالتا الرائعين جديرتان بالتأمل.
انتهت سطور أستاذي الكريم وبدأت المحاور تسابق بعضها في ذهني لكي أبسطها في هذه المساحة ولكن قبل بسطها أتقدم بالشكر الجزيل لأستاذنا تركي بن ناصر السديري على سطوره القيمة تجاه ما كتبته وكتبه الأخ الزميل الأستاذ سليمان الجعيلان، ومعلوم بأن قلم الأستاذ السديري لا يعرف المجاملة أو المحاباة، فهو عندما يكتب شيئاً فإنه يعني ما يكتبه وهذا هو الجميل في الموضوع والمريح بالنسبة لي لقياس مدى قبول القارئ العادي فضلاً عن ثناء هرم الصحافة الرياضية! أتمنى أن أكون أنا وزميلي سليمان وجميع الزملاء كتاب صفحة الرأي الرياضي عند مستوى طموح المتلقي ومستوى متابعي صحيفة بحجم الجزيرة بصورة عامة.
الأستاذ تركي تحدث وكان حديثه ذا شجون ولأول مرة ينتابني شعور بالبهجة العارمة منذ أول مقال كتبته في الشأن الرياضي عبر جريدة الجزيرة قبل ثلاث سنوات وشهرين تقريباً، وتحديداً يوم الخميس 23 صفر 1427هـ الموافق 23 مارس 2006م وكان تحت عنوان (الهلال أمام التحديات) ومصدر تلك البهجة أن رأي الأستاذ جاء في وقت كنت فيه أحدث نفسي وأسألها على خلفية ردود الفعل المتباينة عن مدى ملاءمة ما ذهبت إليه في مقالي (برلمانيو التأزيم الكويتي والمشهد الهلالي) مع متطلبات معالجة أوجه القصور في الفريق الأزرق والتي بسببها خسر في غضون أسابيع دوري المحترفين وكأس الأبطال رغم إشارتي في بداية ذلك المقال بأن النقد بحجم الألم، نعم لم يكن مقبولاً على الإطلاق أن نشاهد أشياء غير معقولة تحدث على أرض الواقع ثم نتجاهلها ونبحث عن شماعة أخرى نعلق عليها الإخفاقات، لأن البحث عن مبررات وأسباب غير واقعية سهل جداً، ولكن ليس سهلاً أبداً استغفال القارئ وعدم احترام عقليته وإدراكه وتفكيره، والمشكلة الأزلية تكمن في عدم إدراك بعض المتلقين لطبيعة الاختلاف في الآراء فبعضهم يردد ويسمع بعبارة (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) ولكنه لا يعلم المعاني والمضامين الكبيرة المنضوية تحت لواء تلك العبارة ذات الأحرف والتراكيب الصغيرة، وبالتأكيد عندما يطرح أي كاتب وجهة نظره فإنه محاسب على ما كتبه في مقاله وليس محاسباً على فهم البعض القاصر تجاهه! بمعنى أنه ليس مطلوباً من كل كاتب طرح فكره أو رأي تجاه قضية من القضايا أن يذهب لبيت كل شخص أبدى تحفظه على المقال ويقبل رأسه ويشرح له نقطة الاختلاف! طبيعي هذا شيء غير معقول ومضحك في نفس الوقت لأن الكاتب المنصف يتكئ على معلومة صحيحة ويتفنن في طريقة إيصالها، وإذا لم ترق تلك الطريقة لفئة من الناس من حقهم إبداء آرائهم ولكن ليس بالضرورة أن يأخذ بها الكاتب وما أكثر من ينتقد لمجرد النقد فقط أو لأغراض شخصية تتعلق بالمكونات النفسية، فقد يكون صعباً عليه رؤية مقال لكاتب معين كل يوم أو كل أسبوع بينما هو لم يقرأ اسمه في الصحف إلا عندما تخرج من الثانوية العامة أو عندما اتفق هو وحرمه على تسمية مولود جديد!.
وما بين النقد الموضوعي والنقد الشوارعي يكمن الفرق في مستوى التفكير والاطلاع والقارئ الجيد بلا شك يدرك الفرق بين الغثّ والسمين، لم يكن بودي أن أتحول هنا إلى شخص يقدم النصائح أو التنظير لأن أغلب القراء لديهم هذه المعلومات وربما أكثر، ولكن حديث الأستاذ تركي السديري حرك الساكن كما يقال تجاه فئة قليلة لا تعرف قراءة السطور فضلاً عن قراءة ما بينها!.. ودمتم سالمين.