ما نعلمه ويعلمه الجميع أن اللغة كائن حي يتنفس بلسان ناطقيه وينمو ويتوالد، وقد يضمحل إذا هجرته الألسن، ولكن الأخ ملحم بركات له رأي آخر وهو لمن لا يعرفه موسيقار لبناني يمتلك صوتاً جيداً وفكراً موسيقياً ولديه شطحات (كوميدية) سواء في لقاءاته أو حتى (نطنطته) على المسرح والجمهور يستمتع بالضحك (عليه).
فهو الأسبوع الماضي قال كلمات انتظر سنوات طويلة حتى تمالك شجاعته وقال إنه لا يفهم ما يكتبه الشعراء السعوديون في تعليق له على رأيه في فنان العرب حين أبدى إعجابه بصوته، متمنياً أن يغني بما هو مفهوم واختيار كلمات بسيطة).
مشكلة ملحم بركات أنه دان نفسه حين أراد (فرد) عضلاته وهو بثقافته وأصولها ونظرته إلى الثقافة الفرنسية التي يعرف أدق تفاصيلها وليس ذنبنا أن يكون ملحم بركات (فرنسي) الهوى غير ملم باللغة العربية التي ارتكز عمودها الفقري في الجزيرة العربية وهي المنطقة التي كان لجمهورها وأموالها فضل كبير عليه فترة الثمانينيات وحتى مطلع التسعينيات حتى توارى عن الأنظار وأُصيب بالشلل الفني وبات يغني اليوم في الملاهي الرخيصة التي لا يميز جمهورها بين صوته وصوت الحمار، وما قاله عن محمد عبده يندرج على جميع الفنانين السعوديين بلا استثناء والخليجيين، فهم جميعاً يغنون نفس القصائد وبنفس اللهجة.
ملحم بركات لم يعد مطلباً جماهيرياً ولم يعد سوى رقم ضائع في مؤخرة الساحة وتحوّل إلى موسيقار في أرشيف الذاكرة وكوميدي في (حاضرها)، لا يعنيني أن يكون ملحم بركات ملحن (ملحمات) أو حتى مغني (حمامة بيضاء).. فهذا الرصيد له ولمحبيه وما يعنيني أنه استمات كثيراً في مغازلة رأس المال الخليجي الذي اكتشفه منذ زمنٍ فأعطاه ظهره وانسحب الحال على الجمهور الذي انصرف عنه، ولعل الحادثة الشهيرة في بيروت قبل نحو خمسة أعوام خير دليل حين انسحب الجمهور الحاضر في إحدى حفلاته جماعات واتجهوا إلى حفل لفنان العرب محمد عبده يقام في نفس الليلة، فأرغى ملحم وأزْبَدَ وقال للجميع.. خلّوا محمد عبده ينفعكم.. وسلمولي عليه.
ملحم بركات عاد من جديد لدائرة الضوء عبر فنان العرب الذي من المؤكد أنه لن يُلقي له بالاً وهو يعلم أنّ شخصاً كهذا أكل عليه الدهر وشرب والضرب فيه (حرام) وربما اعتبره (شاة) لا يضرها السلخ بعد مماتها.