للأسف الشديد فإن أكثر من يسيء إلى القضية الفلسطينية هم الفلسطينيون أنفسهم؛ وذلك بسبب الاقتتال المتواصل بين الفصائل الفلسطينية، خاصة بين حركتي حماس وفتح، وآخرها اشتباكات قلقيلية التي اندلعت بين الشرطة الفلسطينية وعناصر حماس، وراح ضحيتها قتلى وجرحى من جميع الأطراف، حتى المدنيون لم يسملوا منها.
هذا الاقتتال يضعف الجبهة الداخلية، ويجعل الشعب الفلسطيني عرضة أكثر للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة؛ لأن إسرائيل تستغل الانقسام الفلسطيني لصالحها بطرق شتى.
أولى هذه الطرق، أن الاقتتال الفلسطيني يحقق لها أهدافاً عسكرية دون أن تطلق رصاصة واحدة، أو تقحم جندياً من جنودها في اشتباك مسلح؛ إذ إن الإخوة يقتل بعضهم بعضاً؛ ما يوفر على إسرائيل الجهد والمال من أجل القيام بذلك!.
ثانيا أن إسرائيل عندما تريد أن تعتدي على الشعب الفلسطيني فإنها ستجد جبهة ضعيفة، ولا تستطيع المقاومة بسبب الانشقاقات بين الفصائل. ولو كان الفلسطينيون يتمتعون بوحدة الصف لاستطاعوا سياسيا وعسكريا صد أي عدوان قادم من إسرائيل.
ثالثا: هذا الاقتتال بين الإخوة الفلسطينيين يعطي لإسرائيل الذرائع من أجل التنصل من استحقاقات السلام؛ وذلك بحجة أنها تفتقر إلى شريك سلام حقيقي!. فإذا كان الفلسطينيون يفتقرون للسلام فيما بينهم فكيف يحققونه مع عدوهم!!.
رابعا أن ذلك يقوي حجة إسرائيل بأن الفلسطينيين لا يمكنهم أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، وأنه لا بد لطرف خارجي من أن يفرض عليهم وصايته! وبالتالي، فإنه يتعذر إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في ظل وجود اقتتال وتنافر بين أولئك الذين يفترض أنهم سيديرون هذه الدولة!.
خامسا: هذا الاقتتال يضع العرب في حيرة وحرج؛ فهم إزاء هذا الاقتتال لا يمكنهم مساعدة الفلسطينيين، أو الدفاع عنهم في المحافل الدولية والمطالبة بحقوقهم، وبدلا من ذلك يضطر العرب إلى هدر الجهود والانشغال بالقيام بالوساطات من أجل تحقيق المصالحة بين الفصائل، بدلا من توفير هذه الجهود من أجل نزع الحقوق الفلسطينية من أيدي المعتدين الإسرائيليين.
نرجو من الإخوة في فلسطين أن يعوا ذلك تماماً، وأن يضعوا الخلافات جانباً، وأن يكونوا على قدر المسؤولية التي تحملوها من أجل نيل حقوقهم المسلوبة.
***