نشرت الصحف الإماراتية خلال الأسبوع الماضي أنه قد تم البدء في التطبيق الفعلي لقرار المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، المتضمن توظيف النساء في المحال ذات العلاقة بالأنشطة النسائية؛ حيث تم البدء بمحال بيع الملابس الداخلية للنساء، ومن ثم محال بيع العبايات النسائية، ومن ثم بقية المحال الأخرى التي تبيع بقية احتياجات النساء من الملابس وغيرها.
وقد كان الدافع للمجلس التنفيذي لإمارة الشارقة من إصدار هذا القرار وتنفيذه (كما نشرت الصحف الإماراتية) هو انتشار المهازل الأخلاقية التي تصدر ضد النساء من الرجال الذين يعملون في تلك المحال، هذا بالإضافة إلى إيجاد الآلاف من فرص العمل الشريفة للنساء في دولة الإمارات.
وأنا أقرأ هذا الخبر تذكرت قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 22-5-1426هـ القاضي بقصر العمل في محال بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية، على أن يتم تنفيذ العمل بهذا القرار خلال عام واحد بالنسبة إلى محال بيع الملابس الداخلية، وعامين بالنسبة إلى محال بيع العبايات والملابس النسائية الجاهزة، وعلى الرغم من أن هذا القرار لمجلس الوزراء قد جاء مؤنباً لمجتمعنا الذي تمادى في هضم حق المرأة لسنوات طويلة بحرمانها من فرص العمل الشريفة المتاحة لها في تلك المحال، وتقديم تلك الفرص لعمالة رجالية أجنبية (غير مسلمة في كثير من الأحيان)، إلا أن تنفيذ هذا القرار والصادر من أعلى سلطة في الدولة لم يتحرك على الرغم من مرور أربع سنوات على صدوره!!!
وعلى الرغم من جهود وزارة العمل بقيادة معالي وزيرها الدكتور غازي القصيبي الذي حقق نجاحات طيبة في سعودة عدد من القطاعات (وما زلنا ننتظر من معاليه المزيد)، إلا أنه لم يتحرك ساكن فيما يتعلق بمحال السلع النسائية وخاصة الملابس الداخلية منها، على الرغم من دعم الدكتور القصيبي لذلك.
إنني والله لأتعجب من ذلك السكوت لمجتمعنا المسلم المحافظ ولسنوات طويلة عن السماح لرجال أجانب من مختلف الجنسيات والديانات يتولون بيع الملابس النسائية (وعلى الخصوص الداخلية منها) دون أن نحرك ساكناً، وصدقوني أنني لم أتوصل لأي تفسير منطقي لهذا السكوت غير المبرر، فلا قيمنا ومبادئنا الدينية ولا عاداتنا الاجتماعية تجعلنا نرضى بأن يتولى بيع الملابس الداخلية لأهلنا رجال أجانب وغيرهم مما قد يصعب معه التأكد من أخلاقهم. وإذا كان لدى البعض شيء من التخوف من أن يؤدي هذا القرار إلى فتح المحال للاختلاط بين النساء والرجال، فإنني أعتقد أن مثل هذا القول مردود عليه؛ حيث إن الوضع المتبع حالياً من خلال تواجد الباعة من الرجال في محال بيع المستلزمات النسائية (وخاصة الداخلية) هو ما قد يؤدي للاختلاط.
لو كنت وزيراً للعمل لما ترددت أن أضع قرار مجلس الوزراء محلاً للتنفيذ الفعلي اليوم قبل غد، وعلى أن يشمل التطبيق جميع المحال المستهدفة دون استثناء، ولو كنت وزيراً للعمل لما ترددت أن أغلق أي محل لا يطبق هذا القرار فوراً، ولو كنت وزيراً للعمل لحددت ساعات العمل في تلك المحال بسبع ساعات يومياً فقط (10 - 12 صباحاً) (4 - 9 مساءً)، ولجعلت يوم الجمعة إجازة أسبوعية لتلك المحال، ولو كنت وزيراً للعمل لحددت الرواتب التي تدفعها تلك المحال للنساء السعوديات العاملات فيها بـ 4000 ريال؛ حيث يتحمل صندوق تنمية الموارد البشرية 50% منها أي ما يعادل 2000 ريال.
وأخيراً لو كنت وزيراً للعمل لاجتمعت بهيئة كبار العلماء ومع سماحة المفتي ومع فضيلة الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولأوضحت لهم كافة الأبعاد الشرعية والاجتماعية والاقتصادية التي تجعلنا جميعاً ندعم تنفيذ هذا القرار.