السؤال الآن: ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ فقد تلوث أو لوث كل شيء، حتى الهواء الذي نستنشقه أصبح ملوثاً، وفي مواسم الغبار أصبحنا نرى العمال البسطاء يسيرون بيننا، وقد ستر كل واحد منهم فمه وأنفه بكمامة تمتص الغبار! كلنا نبحث عن الفلترة، في المنزل والشارع والعمل والمدرسة والجامعة، ومع ذلك كله فإن الأمراض والوفيات في ازدياد، لا عاصم من الأمراض والوفيات إلا الموت، لكن الوقاية واجبة في كل حال، ولأن هذه الوقاية واجبة، فقد أصبحت باباً يرتزق منه الأمين واللص، الطبيب ومدعي الطب، العالم والمتعالم، وكل هؤلاء يجنون الدخول الجيدة، من أرق الناس وخوفهم، وشكهم ووسوستهم، خصوصاً أولئك الناس الذين وهبهم الله الثروات ومع الثروات القلق، على الصحة والأبناء والمستقبل، هؤلاء قد يفتحون باباً للباحثين عن الربح، الربح الحلال والربح الحرام.
هناك الأطعمة خاصة، الخالية من الدهون والكيماويات، أطعمة يقال أنها واقية من الترهل والسموم والسمنة، هذه الأطعمة توازي قيمتها في الشهر راتب موظف بسيط، قد يكون حاملاً للشهادة الجامعية لكنه لم يجد سوى وظيفة بألف وخمسمائة ريال، هذه المكافأة يبلها ويشرب ماءها، فهي لا تعطيه الحق للاشترك في هذه الوجبات الصحية إلا لأسبوعين، وله وحده، لذلك من الأصرف والأضمن له أن يأكل الفول والخبز، لكن حتى الفول لم يتركه المرجفون في حاله، فهناك مرض مشتق من اسمه، يساهم في تكسر صفائح الدم، كان الله في عون من يتناوله في اليوم ثلاث مرات، ومعه تلك الغارقة في الزيت والتوابل والغبار، التي يطلقون عليها (طعمية) وهو اسم في غير محله، لكنني شخصياً آكلها مع الفول والزيت وحولنا التراب والذباب والضجيج، ولعل مثلي ملايين لا تعنيهم أقوال وكتابات الذين يقتاتون على أوهامنا وآلامنا، وينسون أن جل الناس كانوا يشربون المياه الحمراء، غير المفلترة، الخارجة للتو من الجداول والآبار، ومع ذلك فقد كانت أمراضهم مثل أمراضنا الحالية، التي تعددت أسماءها وزادت رسومها أو أسعارها!
هذه الوسوسة جعلت الناس يخافون من مياه البلدية أو مصلحة المياه، ويتجهون للفلاتر، حتى أصبحت هذه الصناعة باباً واسعاً للعديد من الأفاقين، الذين يعرضون بضاعتهم أمامك، ثم تكتشف أن ما تفصله الفلاتر هم من صميم الماء، بدونه لا يصبح الماء ماءً كاملا مشبعا صحيا، حتى الزجاجات البلاستيكية قيل ومازال يقال إنها قد تكون باباً للعديد من الأمراض، لذلك يستحسن استخدامها لمرة واحدة، وقد اصبحت هذه الأواني البلاستيكية ومعها الأكياس والصحون والملاعق، مضرة للبيئة، حتى أن بعض المحلات في العديد من الدول الأوروبية باتت تبيع الأكياس لتقليل الإقبال عليها، محققة هدفين: الكسب من البيع والحفاظ على البيئة أين الصحة في ذلك؟ فنحن سادة الفوارغ الآن، كل ما نأكله ونشربه نأتي به في هذه الآنية، نأكل ونشرب ونرمي!
حتى المشروبات أصبحت الآن في دائرة الشبهة وآخرها النعناع، فقد أصبح هذا النبات الجميل الفواح الرائحة، من النباتات المسببة للسرطان، ليلحق بالزيت والهامبورجر، وغيره من الأطعمة والمشروبات. ماذا يفعل أهل المدينة وزوارها وهم لا يجدون بديلاً عن الشاي بالنعناع، والمسافر من المدينة عائدا إلى أهله لا يجد هدية أرق وأعطر وأرخص من النعناع، ولا تنفع الآن كل البيانات والأبحاث والتصريحات التي تثبت خطأ ذلك الباحث الداهية، فقد انطلقت الرصاصة ووصلت المعلومة، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ هذا هو السؤال مرة أولى وثانية وعاشرة؟!
المؤكد سوف يكون جوابكم: كلوا بامية!!
أما لماذا فلا أدري ولا أنتم تدرون فالفوارغ لا بد أن تملأ!
فاكس 012054137