في معظم بلدان العالم هناك معايير وأنظمة دقيقة لما يجوز للزوجة والزوج فعله عندما يكونان في مكان عام, إذ لا يجوز أبداً أن يُمارس الزوجان ما يمارسانه في غرفة النوم أمام الناس في الأسواق والمطاعم وكل مكان عام, وفي بعض الدول العربية يُعتبر تقبيل الرجل لامرأته (فعل فاضح في مكان عام)
لكن ما جرى عنه الحديث في بعض الصحف السعودية في الأيام الماضية وحديث البعض حول (إمساك الرجل بيد زوجته) واعتبار هذا الفعل من أسباب جلب الشبهة ودخول الإنسان في دائرة الاتهام وربما إيقاف رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له, هو أمر في تصوري قد جاوز الحد.
لا أعتقد أن هذا سيُظهر المملكة بصورة حسنة أمام العالم عندما يصل بنا الأمر إلى جعل الزوج وزوجته في قفص الاتهام بهذه الصورة, ولا أعتقد أنه شيء صحي أن يشعر الناس أن نزولهم للأماكن العامة هو نوع من المغامرة التي لا تُحمد عقباها, ومن المجازفات التي قد تورطهما في مشاكل لم تكن في الحسبان.
أعتقد أن الأمر كله يحتاج لمراجعة دقيقة, ليس فقط فيما يتعلق بتلك التفاصيل الدقيقة وإنما بالعودة لأصل النظرة إلى الناس وطريقة الحكم عليهم.
أنا ضد هذه النظرة القائمة أساساً على الشك والاتهام والتخوين, إذ الأصل أن نُحسن الظن بالبشر، وأن نأخذهم على ظاهرهم، وأن نعاملهم على هذا الأساس حتى يتبين العكس, في كتاب البخاري وكذا في كتاب مسلم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة عن عيسى المسيح أنه رأى رجلاً يسرق فقال له: (أسرقت) فقال الرجل: (والله ما سرقت) فقال عيسى عليه السلام: (آمنت بالله وكذبت بصري). وعندما يسوق نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام هذه القصة لأصحابه هو لا يسوقها عبثاً, بالتأكيد هو يهدف إلى تربيتهم على حسن الظن بالناس وقبول كلامهم وأخذه على ظاهره, هو هنا يربي المسلمين على أن تكون قلوبهم طاهرة عندما تنظر للآخر وتحكم عليه, وكل نصوصه تدل على النهي عن التجسس وعن تتبع عورات الناس وعن سوء الظن، ولا أدري كيف يمكن أن كل هذه النصوص التي من الواضح أنها تصب في مصب واحد, أن نأتي بعد كل هذا فنقول: إن إمساك الرجل بيد زوجته في السوق يجعله في موضع الريبة والتهمة وعليه أن يتحمل ما يمكن أن يصيبه جراء ذلك؟!
ما دعاني لكتابة هذا المقال ما قرأته على لسان الشيخ الدكتور محمد النجيمي في أحد الصحف ورؤيته لهذا السلوك الإنساني على أنه مخالف للشرع، كما يرى أن في هذا التصرف ما يثير الغرائز! لازلت اتألم وأنا أرى ممثلي الدين الإسلامي والمتحدثين باسمه ينحون بنا عن الفطرة الإنسانية التي تهذب الروح وتُشعر الإنسان بالأمان والراحة، مؤلم هذا الرأي والمؤلم أكثر أن الكثير من أبناء مجتمعي يتأثرون به؛ لأنه صادر عن شخصية يثقون بها.
يا أخي الفاضل، رجاءً لا تخلط بين الأعراف والدين، فديننا الإسلامي أكبر وأشمل من هذه الترهات، وأعقل من الإتيان على تحريم هذه الأمور، لذا أتمنى لو تحدثت برؤيتك الشخصية وليس برؤية الدين الإسلامي.
* كاتبة سعودية
mogn_samar@yahoo.com