هل لي كمواطنة حقاً في أن أسأل ببراءة: هل حقاً أن منطقة الخليج كما تقول التقارير والكتابات هي أكثر منطقة من مناطق العالم اليوم تلوثاً بيئياً بما نسبته 33%. وهل حقاً أنها نسبة من أعلى معدلات نسب التلوث المتعارف عليها دولياً؟.. وهل من يعرف ماذا يعني ذلك ليس فقط على صحة أبناء المنطقة بل وعلى صحة أحفادهم وزرعهم وضرعهم بعد عدة أجيال؟.
هل لي أو لأي مواطن حق التساؤل وإن بدا السؤال سؤالاً أبل?هاً ومتأخراً وينم عن سذاجة وقلة وعي ومتابعة، ما هو حجم الآثار البيئية لثلاثة حروب متوالية مرت على المنطقة في أقل من ثلاثة عقود؟ وبأي نوع من أنواع التلوث قد تسببت؟ هل هو تلوث نفطي أم تلوث إشعاعي أم تركيب معقد منهما لا نفقه كنهه؟ مع حفنة لا تستحق الذكر من بعض النفايات النووية التي توصي متعهديها في لحظات احتضارها الأخيرة بأن لا تدفن في مكان سوى أرضنا.
هل (كما تساءل أحد الزملاء، هداه الله، ممن يدسون أنوفهم فيما لا يعنيهم) يملك مجلس التعاون الخليجي قاعدة معلومات تملك مؤشرات رقمية لحجم التلوث البيئى بمياه الخليج ومقداره رأسياً على مستوى القاع وأفقياً على مستوى المحيط المجاور، أنواعه وأخطاره المحتملة والمتحققة، وذلك وفق دراسات ميدانية وبناء على استخدام مقاييس ومواصفات علمية وعالمية لقياس الصحة البيئية؟.
هل توجد جهات رقابة ومتابعة حمائية أصلاً للحالة البيئية للخليج على سبيل المثال كجهات حماية الحياة الفطرية بالغرب أو جهات الرقابة والمتابعة بمنظمة التجارة العالمية؟.
هل.... أو ربما يجدر بي تحسباً أن أترك للزميل الصحفي المتطفل مثلي على شؤون النفط والبيئة وقد سبقني إلى ذلك مهمة مواصلة التلصص على ما يعد من أسرار المسؤولين النفطيين والبيئيين الكبار ليقوم بمواصلة طرح الأسئلة التي قد تكون محرجة مما لا قبل لي بملاماته.
وفي هذا يسأل عدنان الموسوي وكأنه لم يجد ما يلعب به غير الكبريت: هل توجد خطط إقليمية منسقة بين دول مجلس التعاون وإيران لمواجهة الأخطار النووية التي قد تسببها السفن والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية وتجوب الخليج بصورة مستمرة تحت ذريعة حماية الأصدقاء وأمن الممرات المائية وحقول النفط؟ هل أعدت خططاً في إطار المجلس لمواجهة الطوارئ البيئية الإقليمية لمكافحة المخاطر وللمعالجة الطبية العاجلة في حالات وقوع واحدة من حوادث تصادم الناقلات النفطية، كيف ستعمل دول المنطقة للتخلص من النفايات والزيوت والمواد الكيميائية التي ترميها ناقلات النفط والسفن التجارية والحربية في مياه الخليج وخاصة على تلك الأراضي التي تشهد نشاطات عسكرية في المنطقة لدعم العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان؟ ما هي الإجراءات التي سوف تتبع على المستوى الإقليمي في حال اصطدام ناقلات غاز ونفط وبتروكيماويات؟ وهل هناك تنسيق وتعاون بين دول المنطقة لمحاصرة المخاطر المتوقعة والناجمة عن مثل هذه الحوادث البحرية أو أي عمليات حربية فيما لو تطورت الأمور وتغيرت قواعد الاشتباك في المنطقة بين الغرب وأمريكا من جهة وبين إيران من جهة أخرى؟ ماذا ستفعل دول الخليج إذا قصفت إسرائيل مفاعل بوشهر؟ إذ تشير الدلائل إلى أن دول الخليج والممرات المائية ستكون أكبر متضرر من التلوث الكيماوي الذي سيضرب مياه الخليج وسواحل دوله.
هل تتوفر أجهزة مراقبة للسواحل ووسط الخليج والبحار المحيطة به عبر الأقمار الصناعية على مدار الساعة؟.
لطالما شغلتني مثل هذه الأسئلة ولابد أنها شغلت سواي من الأغلبية الصامتة أو الناطقة بمنطقة الخليج إلا أنه كان لابد ممن يعلق الجرس.
وقد هيج في نفسي تلك الأشجان المنبعثة من جرس الخطر البيئي أمران:
- الأمر الأول يتعلق بسؤال حارق سكبه في حنايا روحي وقناعات جيلي المبدئية الاحتفال بما سمي ب?(معسكر السلام البحري) وهو الاسم الحركي (للقاعدة العسكرية الفرنسية) بالخليج كما وصفه فهمي هويدي وهو طيف آخر من محبي التطفل على المكر السياسي بفطنة الأسئلة، فكيف إذن تقام قواعد عسكرية بكل رمزية ما تمثله من انكسار المنطقة أمام التهديدات المزعومة والمؤكدة من قبل الجهة المستفيدة منها، بينما ليس فقط من لا يحرك ساكن الأسئلة عن تحديات عسكرة المنطقة وعن التحديات البيئية والاقتصادية الماثلة والمستقبلية بمنطقة الخليج.
أما الأمر الآخر الذي هيج سؤال المخاطر البيئية النفطية في خاطري فهو زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمملكة وكلمته المتوقعة بمصر.
فهذه الزيارة ليست لنحمل رئيس الدولة التي اتخذت من مجمل المنطقة العربية قاعدة لحربها لأكثر من ستة أعوام مجرد بعض الأماني ونأخذ منه حفنة من الوعود غير المشروطة بجدول زمني أو بالتزام عملي.
إن هذه الزيارة ليست كما يعتقد البعض زيارة مجاملة لنضيعها في المجاملات والرِّضى بأنصاف الحلول.
إن لدى أمريكا مصالح عندنا وبناء عليه يجب أن نرشدها وإن اقتضى الأمر نواجهها بأن عليها التعامل مع مطالبنا وبالأخص منها احتلال العراق والمسألة الفلسطينية بصورة جدية وعادلة وعاجلة وإلا تتحمل تصرفنا بمصالحها بما تقتضيه مصالحنا.
هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.
Fowziyah@maktoob.com