الرياض - منيرة المشخص
أكد عدد من المختصين في الشأن السياسي أن اللقاء المرتقب بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي باراك أوباما سيكون بمثابة مفتاح لبوابة سلام دائم في المنطقة العربية خاصة أن تلك الجولة التي يستهلها الرئيس الأمريكي في المنطقة عقب تسلمه الرئاسة الأمريكية تعتبر الأولى له.. كذلك يرى البعض منهم أنه عربون ثقة وتأكيد منه بحرص على إرساء الأمن ومحاولة للضغط من أمريكا على إسرائيل بالحل بقيام دولتين.
(الجزيرة) استمعت إلى عدد منهم وخرجنا بهذه الحصيلة من الآراء..
فتحدث لنا بداية الدكتور علي بن هلهول الرويلي، باحث في الشؤون الإستراتيجية والأمن فقال: إن النتائج الإيجابية والمأمولة من جولة الرئيس الأمريكي للمنطقة العربية سوف تكون باتجاه حل قضية الشرق الأوسط وذلك بإنشاء دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل حيث من المتوقع أن تضغط الولايات المتحدة الأمريكية على إسرائيل للقبول بهذا الحل بعد التشاور مع الدول الفاعلة في المنطقة ومن أهمها المملكة العربية السعودية.
وأضاف الدكتور الرويلي: من النتائج الإيجابية المأمولة أيضاً إيجاد توازن للقوى في المنطقة في ظل توجه إيران للهيمنة الإقليمية وإنتاج الأسلحة النووية وأسلحة التدمير الشامل، كما ستظهر هذه الزيارة تعاوناً إيجابياً في مكافحة الإرهاب والأزمة الاقتصادية العالمية وقضايا الطاقة، وذلك بحكم أن السعودية إحدى الدول الفاعلة في الاقتصاد العالمي.
وأردف الدكتور علي: الرئيس الأمريكي معجب بشخصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز باعتباره شخصية قيادية فذة ويكن له كل احترام، وهذا ما صرح به في عدة محافل دولية، والرئيس الأمريكي يعلم أهمية خادم الحرمين الشريفين ودوره في حل قضايا المنطقة، لأن الملك عبد الله بن عبد العزيز هو صاحب المبادرة العربية للسلام والتي طرحت في قمة بيروت العربية والتي تم تبنيها من قبل الدول العربية وأصبحت مرجعية دولية يتم حولها الحوار لأجل حل قضية الشرق الأوسط، ولهذه الاعتبارات سوف تنعكس إيجاباً على المباحثات السعودية الأمريكية.
وحول الموضوع ذاته يقول الدكتور عادل بن عبد الكريم العبد الكريم رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الملك سعود: أعتقد بأن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس باراك حسين أوباما جادة في التعامل مع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الأولى وهي القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وعملية السلام المتعثرة. فمنذ بداية الحملة الانتخابية لأوباما كان يردد ويؤكد للجميع بأنه سيعطي اهتماماً كبيراً لقضايا الشرق الأوسط عندما يصل للبيت الأبيض، وسيبحث لها عن حلول تؤدي في النهاية لإحلال السلام في المنطقة، وكرر في أكثر من مناسبة بأن حل الدولتين، دولة فلسطينية بجانب الدولة الإسرائيلية، هو الحل الذي سيسعى لتحقيقه، وهذا مؤشر واضح على مدى تفهمه واستعداده للعمل مع جميع الأطراف من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
ومن المتوقع أن يتم بحث قضايا مهمة أخرى مثل الأوضاع في العراق ومستقبل العراق وكذلك تطورات قضايا الأمن في الخليج وغيرها من الموضوعات المطروحة في جدول الأعمال ومنها سبل التعامل مع الأزمة المالية العالمية، ولهذا فإننا نتوقع أن تخرج هذه الزيارة بالعديد من النتائج الإيجابية والتي سيكون لها الأثر الإيجابي ليس فقط على منطقة الخليج العربية أو الشرق الأوسط بل أيضاً على العالم بشكل عام.
وحول التقدير الذي يكنه أوباما للملك عبدالله فيقول: بالتأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما يثمن ويقدر الدور المهم والفعال الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في إحلال الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه يعي مدى اهتمام القيادة السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بمستقبل السلام الدائم والعادل في المنطقة، ويضيف: والذي يجب أن يكون في إطار الشرعية الدولية ومبني على المبادرات المطروحة ومن أهمها المبادرة العربية للسلام وخارطة الطريق.
الرئيس الأمريكي يعتبر المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز من أهم الدول في المنطقة، إن لم تكن الأهم، وخاصة فيما يتعلق بمواقفها وسياساتها تجاه القضايا المهمة في المنطقة وأهمها القضية الفلسطينية. فالمملكة العربية السعودية كانت ولازالت تعتبر القضية الفلسطينية هي القضية الأم في المنطقة، ولهذا فإن القيادات السعودية تؤمن بأنه من أجل الوصول إلى أمن واستقرار دائم في المنطقة فمن الأولى إيجاد حل لهذه القضية مبني على الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
من جانبه يقول الدكتور علي بن دبكل العنزي أستاذ العلاقات العامة والإعلام في جامعة الملك سعود وعضو مجلس الشورى السابق: تكتسب جولة الرئيس الأمريكي أهمية خاصة، نظراً لعدد من الاعتبارات منها أنه أول رئيس أمريكي يبدأ جولة للمنطقة العربية خلال الأشهر الستة الأولى من توليه الرئاسة، وكذلك تعامله مع القضية الرئيسة في المنطقة وهي القضية الفلسطينية منذ اليوم الأول من توليه الرئاسة من خلال تعيينه لمبعوث السلام في المنطقة جورج ميتشل وهو دليل على تصميمه حل القضية بشكل عادل ويحفظ للجميع حقوقه.
ويضيف الدكتور العنزي: كما أن اختياره للمملكة العربية السعودية كمحطة أولى في جولته هو أكبر دليل على الأهمية التي يوليها لدور المملكة الحيوي والرئيس في حل قضايا المنطقة من خلال موقعها الروحي للعرب والمسلمين، وكذلك أهميتها السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية من خلال عضويتها في مجموعة العشرين الاقتصادية واستقرارها السياسي في المنطقة.
وحول تبادل الاحترام بين الزعيمين الذي سيؤدي إلى اتفاق في وجهات النظر فيبين الدكتور علي بن دبكل ذلك قائلاً: منذ اللقاء الأول بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس باراك أوباما، ظهر للرجلين مدى إعجابهما ببعضهما وكذلك رؤيتهما الواضحة لمستقبل المنطقة العربية من خلال حل القضية الفلسطينية بشكل عادل ومنصف وهو ما يسعى له خادم الحرمين الشريفين في كل لقاءاته الدولية.
كما أن ثناءه على دور خادم الحرمين الشريفين في السلام العالمي وحوار الأديان ودعوته للتسامح بين الثقافات والأديان هو أكبر دليل على تقديره لجهود خادم الحرمين الشريفين والتعاون معه في سبيل حل قضايا المنطقة الشائكة، ولذلك لم يكن عبثاً اختياره المملكة لمحطة أولى في زيارته ولقائه خادم الحرمين الشريفين كسابقة في تاريخ الرئاسة الأمريكية من حيث توقيت الجولة والبدء في مجابهة قضايا المنطقة بقوة.
ويطرح مطلق العنزي إعلامي مختص في الشأن السياسي وجهة نظر تفاؤلية قائلاً: أداء الرئيس الأمريكي، حتى الآن، رائع، ويجعلنا مفعمين بالأمل أن يقود هذا الرئيس تغييراً تاريخياً في السياسة الخارجية الأمريكية، رغم كل الضغوط التي قد يتعرض لها من مجموعات الضغط الخاصة، وذوي الرؤى الأحادية في الكونغرس. وما يجعل أملنا هذا عملياً وقابلاً للتحقيق هو أن الرئيس باراك أوباما يتسم بالشجاعة ويتسلح بتفويض شعبي أمريكي.
وأضاف العنزي: وبدأت أولى الثمار بصده لطموحات رئيس الحكومة الإسرائيلية المحافظة بنيامين نتنياهو في لقائهما قبل أسبوع في البيت الأبيض. وعبَّر بوضوح عن إصراره على حل الدولتين. وكان موقف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون شجاعاً أيضاً في معارضتها لأي شكل من أشكال توسيع المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة.
كما أن تطمينات إدارة أوباما للعرب بأن أي تفاهم مع طهران حول الملف النووي الإيراني، لن يكون على حساب روابط الصداقة العربية الأمريكية، يجعلنا أكثر ثقة بأن الإدارة الأمريكية سوف تكون حكيمة في معالجة الملف النووي الإيراني دون أن تفقد صداقاتها التاريخية في المنطقة.
ويضيف بقوله: وحتى الآن يبدو أن إدارة أوباما تجتهد في تجنب الأخطاء الكبرى المتهورة التي ارتكبتها إدارة سلفه بوش وتسببت في إعاقة الحركة السياسية الأمريكية في المنطقة والعالم وإحراج أصدقاء الولايات المتحدة في العالم العربي.
وأردف مطلق: ويبدو لي أن الأهم أن يدرك الرئيس أوباما المآسي التي تسببت بها الأفكار الأحادية التي انتهجها سلفه. وهذا الإدراك سيضفي حكمة على التناول الأمريكي لقضايا المنطقة بما في ذلك الوضع العراقي المشبع بالأخطاء والذي قد يقود إلى تطورات فوضى ليست في صالح لا الولايات المتحدة ولا البلدان الخليجية ولا حتى إيران.
ويؤكد مطلق العنزي خلال رأيه: استحواذ خادم الحرمين على إعجاب وتقدير من التقى بهم من زعماء العالم فبين ذلك قائلاً: كل الزعماء والمسئولين في العالم الذين التقوا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز أعجبوا بشخصيته، ورسوخ زعامته. فهو يملك شخصية فذة وكاريزما خاصة، ويتحلى بصدق القول وشجاعة الموقف. ولا بد أن الرئيس أوباما، مثله مثل الزعماء الآخرين، قد ميز هذه الصفات حين لقائه بالملك عبدالله. ويبدو أن بين الزعيمين رسالة مشتركة، فالرئيس الأمريكي يبشر بسياسة أمريكية جديدة، والملك عبدالله رجل المبادرات التاريخية التي تهدف إلى إرساء حوار بناء بين الثقافات والحضارات والأمم والدول.
وأضاف قائلاً: كما أن الملك عبدالله صاحب مشروع المبادرة العربية التي وجدت ترحيباً لافتاً من إدارة الرئيس أوباما، مما يعني أن الزعيمين سوف يتطرقان إلى هذه المبادرة. بهدف إحلال السلام في الشرق لتحل مشكلات كثيرة نتجت عن العمر الطويل للقضية الفلسطينية، بسبب الغطرسة الإسرائيلية، ودعم الإدارات الأمريكية لإسرائيل على حساب مبادئ الولايات المتحدة الأمريكية ورسالتها إلى العالم. وتماثل شخصية الزعيمين والهموم المشتركة، واختيار الرئيس أوباما الرياض لبدء جولته في الشرق الأوسط وأوروبا، إشارة مهمة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه المملكة في مساعدة الخيار الأمريكي نحو السلام واستقرار المنطقة، إضافة إلى الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب، وإمكانية إحلال سلام في أفغانستان بوساطة سعودية بين الحكومة الأفغانية ومنظمة طالبان، بدعم أمريكي.
ويختم مطلق العنزي حديثة قائلاً: باختصار زيارة الرئيس أوباما للرياض ستكون مثمرة وعملاً تهم المنطقة والعالم. لأن المملكة ليست مجرد بلد خليجي ولكنها بلد محوري في العلاقات العربية والإسلامية أيضاً، تتمتع بعلاقات واثقة مع جميع بلدان العالم.
ولا بد أن الرئيس أوباما قدر الثقل السعودي في إنجاح مساعيه، حينما قرر أن تبدأ زيارته للمنطقة من الرياض. وما كان الرئيس ليبدأ زيارته من الرياض لو لم يكن يثق بأن للملك عبد الله شخصيته وتأثيره وقوته في مساندة الخطوات البناءة لأي مساع أمريكية تهدف إلى تحقيق العدالة والاستقرار والسلام في المنطقة.