الحوادث الأخيرة التي نشرت الصحف تفاصيلها بخصوص قيادة المرأة للسيارة والتي أدت إلى وفاة فتاة وسيدة ستينية وإصابة فتاة أخرى وفي مناطق مختلفة من المملكة.. تجعلني أراجع حساباتي، وقد كنت من فئة (بين بين) أي من غير المتابعين لقيادة المرأة للسيارة للضرورة بيد أن تلك الحوادث المؤلمة غيرت قناعاتي.. وجعلتني أقدم رجلاً وأؤخر أخرى وفي الجنوب لدينا مثل شهير يقول: (ما دام هذا أوله ينعاف تاليه) !!
ولا بأس أن أوضح للقارئ العزيز إلى أن عدم ممانعتي لقيادة المرأة ينطلق من موقف شخصي بحت لا إيمان بقضية عامة أسخر لها طاقاتي وإمكاناتي للدفاع عنها أو المناداة بعدالتها؛ فقد كنت أمنّي النفس للانعتاق من ربقة الارتهان الأبدي لرغبات (أم العيال) وطلباتها التي لا تنتهي.. فقد حولتني إلى مجرد سائق خاص لا زوج له واجبات وعليه حقوق ليس من ضمنها أن أكون سائقاً خاصاً لها..!
لذا فقد جاءت الحوادث الأخيرة، والتي أزعم أنها ليست الوحيدة ولن تكون فقد ذكرت (الوطن) في عدد مضى أن سيدة مسنة في إحدى المدن الجنوبية قد تسببت في حادث مؤلم.. كل الحوادث تلك تشكل ضربة قاصمة، وحجة دافعة ضد السبب الذي ذكرته سابقاً.. خاصة في ظل (مجزرة) الطرق التي يروح ضحيتها عشرات الشباب والشيوخ مطلع كل يوم طازج كما تذكر الصحف. من هنا فإن المطالبة بإتاحة الفرصة للمرأة لقيادة السيارة - من قبل البعض - يعني ضمن ما يعنيه المزيد من الضحايا، والمزيد من المشكلات و(المرمطة) لأولياء الأمور في مراكز المرور والشرطة والمحاكم، إذ يكفي ما نعانيه من أبنائنا الذكور الذين نغصوا علينا حياتنا جراء هذه الحوادث المؤلمة.
قيادة المرأة للسيارة لا أظنه مطلباً يلقى القبول والتأييد من غالبية أفراد الشعب بل في ظني - رغم تسامحي مع هذا المطلب - أن الغالبية العظمى ترفض ذلك رفضاً قاطعاً لندع ذلك للزمن وهو وحده الكفيل بتحقيقه إذا كان فيه مصلحة، وبات المجتمع مهيئاً لقبول الأمر.
الملفت أن الشباب أقل تسامحاً من الفئة العمرية الأكبر فيما يتعلق بقضايا المرأة خاصة قيادتها للسيارة والزواج وتكافؤ النسب وغيرها من الأمور.
على الذين يطالبون بفتح المجال للمرأة لقيادة السيارة أن يقارنوا بين المصالح والمفاسد ثم يحكموا وهناك قاعدة فقهية مشهورة تقول: إن (درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة).
أقول قولي هذا.. وأنا أتمنى أن يأتي اليوم الذي أرى فيه زوجتي وهي تقود سيارتها للذهاب إلى مدرستها كل صباح ل (تعتقني) في هذه المرحلة من العمر من عناء التوصيل والانتظار لا كما تعتقد هي بأنني أريد (التخلص) منها مع ارتفاع عدد الحوادث اليومية القاضية!!
ثمة حساسية مفرطة لدنيا كمجتمع - وأظنه أحد الأسباب التي تجعل قيادة المرأة للسيارة مطلباً غير شعبي - فيما يتعلق بالمرأة، وكرامتها، وعدم إهانتها أو التعرض لها بأي سوء أو متاعب أو (جرجرتها) في الدوائر الحكومية للتحقيق في حوادث اقترفتها.
نساؤنا من أكثر نساء العالم محافظة وتديناً والتزاما بتقاليدها لذلك فإن الزج بها في معمعة قيادة السيارات يبدو أمراً مزعجاً.
يبقى أن أهمس في أذن بنات حواء لدينا فأقول:
إن عليهن أن يحمدن الله كثيراً على أن قيض لهن أناساً (أمثالي) يتولون إيصالهن إلى أعمالهن أو الوجهة التي يطلبنها دون أجر أو عناء أو تعب.. من مثلكن من؟!!
alassery@hotmail.com