فَََنّد خطيب الجمعة افتراءات طوائف مغرضة كانت قد نالت من جانب الخليفة معاوية رضي الله عنه ولا زالت تنال منه وممن هم قبله وبعده، وأورد أمثلة يؤكد بها فضل الصحابي كاتب الوحي المجاهد قبل أن يكون خليفة أميرا للمؤمنين، من ذلكم قصة حصار وفتح معاوية لمدينة (قيصرية) نسبة للقيصر الروماني (اوغسطس) بموافقة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أورد خطيبنا أن معاوية وجنده قتلوا آنذاك مائة ألف من أهل المدينة، هكذا: (مائة ألف من أهل المدينة)، ومع يقيني بنزاهة الخطيب نحو عمر ومعاوية وكل المجاهدين الفاتحين؛ إلاّ أن المأمول تحرى الدقة حين النقل من قصص وأخبار الفتوحات الإسلامية فربما تكون هذه القصة بين قصص تعرضت مع الزمن وتكرار الرواية والنقل لتشويه أولئك المغرضين وأمثالهم ممن كان الشيخ يفند أقوالهم ضد خلفاء الأمة ورموزها، إذ إن جوانب من قصص الفتح والدعوة قد شوهت إما بمبالغات المجتهدين المتحمسين أو عمد الحاقدين الناقمين، ومع تتابع النقل المقرون بحسن النوايا بصدق من كتب ومن نسخ ومن نقل، ومع تتابع الأزمان وافتراضية دقة علم السلف بطرق النسخ والنقل يتلقى الخلف ما نقل إليهم كما هو في غالب الأحوال على اعتبار انه محقق صادق المعلومة لا تشوبه شائبة، ويفوت على البعض أن هناك من احترفوا دسّ السم في الدسم يظهرون أمام الملأ كالأبرياء وترعف أقلامهم خَبَثاً وحقدًا يمجّونه بين دفات كتب تاريخنا المجيد.
