كنت أتحدث في إحدى المحاضرات مع الزميلات الدارسات في مرحلة الدكتوراه حول أحد الكتب التي قرأتها وأراها جيدة في الحديث عن الرجل والمرأة، حيث يصف ذلك الكتاب الرجل بأنه المحيط، ويصف المرأة بالبحر.
وبعد الحديث حول عدد من القضايا في هذا السياق، قالت إحدى الزميلات: إن الأولى والأفضل وصف الرجل بالبحيرة بدلاً من البحر؛ حيث لا يستحق الرجل - حسب تعبيرها - هذا الوصف، غير أنها تراجعت بعد قليل بحجة أن ماء البحيرة (حلو) والرجال لا يستحقون وصفهم بذلك!. وأصدق القارئ الكريم أن هذه الفكرة قد سيطرت على تفكيري وما زالت عالقةً في ذهني؛ مما جعلني أقلب كلامها كثيراً، وأتساءل أكثر: ما الذي جعل هذه المرأة وزميلاتها - وغيرهن كثير - يقذفن بهذه الصواريخ تجاه الرجل الذي من المفترض أن يكون حائطاً تستند عليه المرأة وينبوع حب صافياً يسقيها ماءً عذباً؛ مما يساعد نساءنا على وصف رجالنا ب(البحيرة)؟!، إننا لابد أن نصل جميعاً رجالاً ونساءً إلى قناعة أن المرأة سر سعادة المنزل، والرجل سر سعادة الكون، وأن المرأة تتحدث ليسمعها الرجل، والرجل ينصت ليسمع ما تقوله المرأة. كما أن المرأة هي اليد اليمنى للرجل، والرجل أصابع تلك اليد اليمنى، بالإضافة إلى أن المرأة أقوى من الرجل بعذوبة أنوثتها، والرجل أقوى من المرأة بعنفوان رجولته.
وأقول - بشيء من الصراحة - إنه لابد من إعادة النظر في العلاقة بين الرجل والمرأة (الزوجين) في واقع الحياة المعاصرة؛ نظراً لاختلاف وجهات النظر الكبيرة والخلافات الكثيرة بينهما مع أن كلاً منهما محتاج للآخر، لكن تبقى مشاغل الدنيا والتزامات الحياة تشكل عامل ضغط عليهما، وتشتكي كثير من النساء من إهمال الأزواج لهن، وإلقاء كل تبعات المنزل عليهن؛ مما يجعلهن يتحملن ما لا يطقن من المشاغل والأعباء، بالإضافة إلى تحمل واجبات العمل والوظيفة، وفي الجانب الآخر يطالب كثير من الأزواج بمشاركة الزوجة بجهدها ومالها كشريكة في الحياة، لكن تبقى المشكلة بعدم التفاهم بينهما على هذا الأمر، والمشكلة الأكبر - من وجهة نظري - بالإجحاف الذي تجده النساء في حقهن وتحميلهن ما لا يحتملن أو ما ليس من مهامهن، بينما يبقى الزوج مع أصدقائه وزملائه في المقاهي أو الاستراحات.
إن لسان حال هؤلاء الأزواج يقول: إن عليك أيتها الزوجة أن تربي الأطفال وتقومي بمتابعة احتياجاتهم ومطالبهم في الأسواق والمستشفيات. كما أن هناك فئة من الزوجات مقصرات في حقوق الأزواج، مما يجعلهم - ولا عذر لهم - يهربون من بيوتهم، بل ربما يمارس بعضهم انحرافات أخلاقية ساهمت فيها الزوجة من حيث لا تشعر. وهذا لا يعني التعميم، بل إن هناك مجموعة من الأزواج الذين يتفاهمون على إدارة شؤون بيوتهم، وتسير حياتهم بشكل منتظم وود وتآلف.
وأخيراً، فإن المرأة والرجل عظيمان وهما يؤديان دوريهما بلغة لا يفهمها سواهما، وهي لغة التفاهم والصدق والحب، وأعتقد أنه لابد من عقد لقاءات حوارية تقوم بها بعض المراكز المتخصصة للحديث عن أهمية علاقة الزوجين وتأثيراتها على البيت والأولاد؛ حتى تعم السعادة ويرفرف الود على الزوجين؛ لأن المرأة ليست جميلة وهي تؤدي دور الرجل، والرجل لا يبدو وسيماً وهو يؤدي دور المرأة.
alelayan@yahoo.com