مباحثات الجنادرية التي استهلكت نصف النهار وشطراً طويلاً من ليلة الأمس، كانت مليئة بالحوار الحار والصادق، فملك الحوار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي عرف عنه الصدق والشفافية وعدم إخفاء ما يؤمن به وما يسعى لتحقيقه من إصلاح وإنصاف المظلومين وما أكثرهم في عالمنا العربي والإسلامي وفي مقدمتهم الفلسطينيون المحرمون من أرض يقيمون عليها وطناً ودولة تضمهم وتدافع عن حقوقهم وتكفل العيش الكريم لهم.
بصدق وبشفافية مطلقة طرح ملك الحوار للرئيس باراك أوباما حامل شعار التغيير، أهمية تغيير حياة وعيش المحرومين والمظلومين، ولأن المتحاورين يؤمنان بقدسية الحياة وأهمية أن ينال الإنسان -أي إنسان- حقه في أن يعيش كريماً على أرضه وله وطن ودولة يحتمي بها.
لهذا كان حوارهما متصلاً وسلساً وانعكست أريحية الصدق والشفافية وحب الإنسان على مجمل القضايا الأخرى التي تناولتها مباحثات الجنادرية وجميعها متفاهم عليها فمحاربة الإرهاب وتحديد الجهات التي تدعم الإرهابيين والمنحرفين، وعدم خلط الأمور وتعميم التهمة وألا تظل نظرية تعميم (الفوبيا الإسلامية) هي التي تحكم أفعال الإدارات الغربية وليس الأمريكية فحسب.
أيضاً عرف الرئيس أوباما من ملك الحوار الرؤية السعودية في كيفية معالجة الملف النووي الإيراني والعمل على عدم دفع نظام إيران إلى مزيد من التنمر بإطلاق يده للعبث في أمن المنطقة، ومعالجة الأمر دبلوماسيا دون اللجوء للحرب التي لا تستفيد منها إلا الأنظمة الشمولية التي لا تهمها مصلحة شعوبها وأمنهم واستقرارهم. ولا بد من أن الرئيس أوباما قد سمع من ملك الحوار تطميناً وثباتاً للموقف السعودي في شأن امتدادات النفط، وأن المملكة العربية السعودية دائماً تضع في اعتبارها مصلحة المستهلكين والمنتجين معاً، وأنها تنظر إلى استقرار الأسواق ومواصلة النمو في العالم ولا تغامر كغيرها في هذه السلعة التي أصبحت مرتبطة بأمن اقتصاد العالم أجمع، ولا شك بأن الرئيس أوباما تأكد من أنها بأيدٍ أمينة. وأخيراً نريد أن نرى تغيراً للأفضل من رئيس التغيير بعد ما سمع من ملك الحوار ما يستحق أن يغيّر.