الجزيرة - منيرة المشخص:
تواصل (الجزيرة) عرض المزيد من آراء المختصين في الشأن السياسي حول معنى واهمية زيارة الرئيس باراك اوباما للمملكة حيث اكد الأستاذ الدكتور صالح بن عبدالرحمن المانع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود بأن المملكة ترحب بالزيارة الأولى للرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما وتأمل أن تكون هذه الزيارة امتداداً لتاريخ طويل من العلاقات الإستراتيجية المتميزة بين الجانبين. وستتطرق هذه الزيارة إلى ثلاثة موضوعات جوهرية الأولى هي مسألة التعاون الثنائي بين الجانبين وهناك الآن خمس لجان رئيسة عاملة تجتمع مرة واحدة كل ستة أشهر وربما تشهد زيارة الرئيس أول اجتماع لها برئاسة وزراء خارجية البلدين في الفترة الجديدة للإدارة.
وأضاف المانع: ولا شك أن هذه العلاقة الإستراتيجية قد أثمرت ثماراً عديدة وسهلت عملية ابتعاث أبنائنا إلى الجامعات الأمريكية لتلقي العلم والعودة للمساهمة بشكل جاد وفعّال في عملية التنمية، ولم يقتصر ذلك على الطلاب ولكنها شملت كذلك العديد من الطالبات على جميع مستويات التعليم العالي في الولايات المتحدة، وقد وصلت هذه الأعداد في الوقت الحاضر إلى نحو 35 ألف طالب وطالبة في الولايات المتحدة وحدها.
كما أن هناك مسائل ثنائية مهمة تهم الجانبين السعودي والأمريكي من ناحية ثانية فإن المحادثات ستتطرق إلى مسائل إقليمية ذات علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي ومباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وستشدد المملكة على ضرورة البدء فوراً في التفاوض من النقطة التي توقفت المفاوضات فيها كما ستشدد على موضوع تجميد عملية الاستيطان، وستكون المرحلة المستقبلية صعبة لتعنت الحكومة الإسرائيلية الحالي ولكن المزيد من التنسيق على المستوى الحكومي ومستوى العلاقات العامة مع مراكز صنع القرار المهمة في الولايات المتحدة حريُ بالضغط على إسرائيل والخضوع للإرادة الدولية.
وأردف الدكتور صالح: أما الموضوع الثالث محل النقاش فسيكون موضوع الأزمة النووية الإيرانية ولاشك أن المملكة لا ترغب في أي تصعيد في المواجهة بين واشنطن وطهران، وتشعر بأن إدخال أي قوة نووية في منطقة الخليج هو تهديد لمصالحها ومصالح حلفائها في دول مجلس التعاون. ولكنها في الوقت نفسه تريد أن تكون جزءاً من الحوار بين الطرفين الأمريكي والإيراني بحيث لا تكون هناك اتفاقات بعيدة عنها أو متجاهلة لمصالحها الحيوية.
من جانب آخر عدَّ الدكتور شافي الدامر رئيس قسم الدراسات العامة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ونائب رئيس الجمعية السعودية للعلوم السياسية اختيار أوباما للسعودية كبداية جولة خطوة إيجابية، فأوضح ذلك قائلاً: اختيار الرئيس أوباما للمملكة كمنطلق لجولته المهمة أمراً إيجابياً بحد ذاته، كذلك فإن إلقاءه خطاباً (ودياً) موجهاً لشعوب العالم الإسلامي من مصر أمر إيجابي في الوقت نفسه. ولكن لابد أن يأتي الخطاب المنتظر بإضافة وجديد على ما قاله أوباما سابقاً: فلابد أن ينسف -على سبيل المثال- ما كان يقال (ويحاك) عن الإسلام والمسلمين كعدو محتمل (للغرب) بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، بمعنى آخر لابد أن ينسف ما قيل ويقال من تضخيم حول نظريات صراع الحضارات من قِبل المتطرفين سواء كانوا متطرفي اليمين أو متطرفي الشمال.
وأضاف: كذلك من المأمول أن يعزز الرئيس الأمريكي من طرحه ورؤيته حول السلام في المنطقة. والحق يقال إن تبني أوباما لحل الدولتين وتجميد المستوطنات والتعجيل بسبل السلام أمور إيجابية يجب أن تعزز من خلال مباحثاته مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والرئيس المصري، وذلك من خلال تفعيل وتبني الحلول الجوهرية التي أتت بها المبادرة العربية والتي هي في الأصل مبادرة سعودية لخادم الحرمين الشريفين.
وأردف الدكتور شافي: في اعتقادي إجمالاً بأن الجولة سوف تنعكس إيجابياً على العلاقات العربية- الأمريكية، وذلك من خلال تكثيف النقاش والحوار مع الزعامات المؤثرة في المنطقة، وكذلك من خلال تحسين علاقات الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي، وبالتالي تحسين مخرجات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة.
ويسترجع شافي بالذاكرة عشرات السنين باللقاء الذي جمع الملك عبدالعزيز بالرئيس الأمريكي روزفلت والانطباع الذي خرج به الرئيس الأمريكي عن الملك عبدالعزيز فقال: يذكرني إعجاب أوباما بشخصية الملك عبدالله بن عبدالعزيز بذلك الإعجاب الذي أبداه الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بشخصية المغفور له الملك عبدالعزيز. حيث لاحظ روزفلت في اللقاء التاريخي الذي عقده مع الملك المؤسس في فبراير 1945 وضوح رؤية الملك بالنسبة لقضية فلسطين، حيث ذكر روزفلت لاحقاً -بعد ذلك اللقاء التاريخي- لعددٍ من أعضاء الكونغرس (بأن ما عرفه (في مدة وجيزة) من خلال حديثه مع الملك عبد العزيز عن فلسطين كان أكثر مما تعلمه عن الموضوع نفسه طيلة حياته).
ويواصل حديثه: واليوم نرى زعيماً أمريكياً ينتمي للحزب نفسه (الحزب الديمقراطي) ويمر في بداية حكمه بظروف مشابهة (مع اختلاف الزمان) لتلك التي مر بها روزفلت، يصف خادم الحرمين بما وصف به روزفلت الملك المؤسس، فعلى الرغم من اختلاف الوقت وبعض الظروف إلا أن هناك سمات تشابه (لا يمكن إنكارها) بين أوباما وروزفلت، وخادم الحرمين الملك عبدالله والملك المؤسس.
وأشار إلى أن هناك شواهد ثابتة وواضحة على الرؤية الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين لمستقبل السلام في المنطقة، حيث تقف مبادرة خادم الحرمين الشريفين شاهداً على ذلك بحكم أنها المبادرة الأجدر والأنجع للسلام ولا سيما أنها الآن المبادرة العربية المتفق عليها. وهي المبادرة المرشحة نفسها لتفعيل (عن طريق تبني أوباما لها) كمبادرة عالمية للسلام.
ويختم الدكتور شافي حديثه قائلاً: (وفي وجهة نظري أن المباحثات القادمة بين الزعيمين سوف تنعكس إيجابياً على مخرجات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة وذلك من خلال بناء إستراتيجية فعالة للسلام قد يكون صلبها مبنياً على الأسس الجوهرية التي وردت في المبادرة العربية. وفي اعتقادي كذلك أن محادثات الرياض سوف تنعكس إيجابياً على فحوى الخطاب الذي يزمع أوباما في إلقائه الخميس في القاهرة.