شاهدت إعلانا في إحدى الصحف يقول: بادري إلى التسجيل فوراً قبل أن تفوتك الفرصة، في ورشة عمل...... (كيف تروضين زوجك!).
لأن الترويض يكون عادة لذوات الأربع، وليس لمن كرمه الله في البر والبحر، فلنا الحق أن نتساءل هنا عن طبيعة الثقافة التي أنتجت هذه الورشة؟ لاسيما أنها ليست الورشة الوحيدة في هذا الاتجاه، فكثيراً ما نشاهد إعلانات عن ورش مثل كيف تحتوين زوجك أو تعاملينه، والآن بتنا ننتظر أن نسمع عن ورشة.. كيف تدجنين زوجك أو تعلبينه.
ولا أدري هنا: هل هذا الأمر يتطلب ورشة تدريبية؟ فهو الأمر الذي تقوم به النساء منذ الخليقة... مناورة الزوج ومخاتلته وتطويعه، فالقيمة والمكانة الاجتماعية لا تتأتى للمرأة إلا إذا كان زوجها طيعا لينا خاتما في بنصرها، فما هي مادتهم العلمية في الورشة؟ مع الإرث الهائل من الوصايا والتعاليم في هذا المجال؟ ومن ضمنها درس المطالعة الذي كنا ندرسه في الثانوي (وصية إعرابية لابنتها ليلة زفافها).. كوني له أمة يكن لك فورا عبدا.
الخطاب المتواري خلف إعلان الترويض يحيلنا إلى عدد من الإشكاليات الثقافية التي تغلف العلاقة بين المرأة والرجل.. فالثقافة هنا تصنع مضمارا سريا للنساء لتظل تركض وتلهث فيه الزوجة حتى تستطيع ترويض وتدجين الزوج المتفلت من عقاله! لتختفي علاقة الود والدفء ويتحول الأمر إلى مخاتلة بين صياد وطريدة.
الإشكالية الثانية: تخلي الزوج من مسؤولية المحافظة على العلاقة، وتدخله في طور الحياد أو اللامبالاة اتجاه إنجاح العلاقة, فالثقافة المجتمعية تنصبه كطاقة ذكورية طاغية مشرئبة فوق عرشها، وعلى الزوجة وحدها مسؤولية نجاح العلاقة ومحاولة التعامل مع هذه الطاقة المكهربة بحذر وحذاقة.
أخيرا هذا المنظور الذي يدفع الزوجة إلى ترويض الزوج ومناورته، فيها الكثير من الخبث والمكر، الذي يسلب العلاقة تلقائيتها وليونتها ويفرغها من أبعادها الإنسانية التي تحتوي الحب والإخلاص والمودَّة والأنس والأمن والتكامل فيشوهها لتغدو علاقة قائمة على التربص والتصيد والريبة من ردود فعل غير متوقعة من الطرف الآخر.
عزيزتي: قبل أن تبادري للتسجيل في هذا النوع من الورش المحمل بثقافة الجواري... بادري إلى البحث عن الإنسان في أعماقه وتقصي ملامحه.
لا تروضي زوجك أو تدجنينه أو تعلبينه.. فقط أحبيه بنقاء وصدق، و أزهري حقلا له، والتقطي يده واصنعا حلمكما المشترك، وأبسقي وتألقي وحققي ذاتك ونجاحك وطموحك بجواره وبين يديه.