|
الشعر الشعبي أو النبطي أو البدوي اختلفت المسميات ولم تختلف التراكيب وبحث وكتب الكثير من النقاد في هذا الشعر وتوصلوا إلى أن الشعر الشعبي هو: شعر عربي ملحون، خرج على ضوابط العرب في كلامهم المعرب حافل بالأصوات والمفردات والتراكيب الشعبية الدارجة، وهو أشهر أنواع الشعر غير الفصيح وأكثرها انتشاراً في شبه الجزيرة العربية وعلى ألسنة سكانها. وقد سمي بالنبطي تشبيهاً له بكلام النبط لخروجه عن قواعد العربية فكأنه كلام النبط الذي يلحنون به ولا يقيمون إعرابه.
|
وقد انتشر هذا النوع من الشعر في الجزيرة العربية منذ قرون بعيدة وبدأ نظمه على ألسنة الشعراء البارعين في جميع الأحوال.
|
وإذا كان صفي الدين الحلي (ت 750هـ) وابن خلدون (ت 808هـ) قد ذكرا أنواعاً من الشعر غير الفصيح وذكر أسماء ما كان معروفاً في زمانهما فإن النبطي تسمية حادثة بعدهما لم يذكراها فيما ذكرا من الأسماء.
|
ويظهر أن التسمية بدأت في الجهة الشمالية المجاورة للعراق لقربها من الأنباط وذكرت بعض الروايات أن الشعر النبطي ينسب إلى الأنباط في جنوب العراق وهم أول من كتب القصيدة المحكية باللهجة الدارجة إلا أن هذه الروايات لم تكن مثبتة يقينا.
|
انتشر الشعر النبطي انتشاراً واسعاً في جزء كبير من الجزيرة العربية وكثر الشعراء الذين يحسنونه وقوي في كل مكان وعلى كل لسان، وبلغ الغاية في سرعة الانتشار في العصر الحاضر وبرع فيه شعراء كثر. ويتناول الشعر المدح والرثاء والهجاء والغزل ووصف الكرم والشجاعة وكل موضوعات الفخر وغيرها ولكن بلغة عامية، وهذه المعاني تأتي في القصيد الذي يحسنه الشعراء في الحجاز ونجد وشمال الجزيرة كله وشرقها وغربها.
|
أما فن الرد أو الحوار أو (القلطة) فلا يعرف مثله في الشعر الفصيح وصفته.
|
إلا أن ابن خلدون المؤرخ العربي أول من ذكر الشعر الشعبي تحت اسم الشعر (البدوي) وذكر ذلك في مقدمته التي كتبها في عام 808هـ فقد أورد عدة نصوص شعرية في مقدمته نسب بعضها إلى شعراء بني هلال، وأقدم نص يروونه من الشعر الشعبي على لسان عليا محبوبة أبو زيد الهلالي في القرن السابع الهجري أرسلته إليه وهو في المغرب يقاتل البربر ومنه:
|
يا ركب يا اللي من عقيل تقللوا |
على ضمور شروى الحنايا تحايل |
قولوا لابا زيد ترى الوادي امتلأ |
كل شعيب من مغانيه سايل |
وقولوا لابا زيد ان بغاني بغيته |
وان دور البدلا لقينا البدايل |
والله لولا البحر بيني وبينه |
جيته على وضحا من الهجن حايل |
أبا زيد تنساني وتنسى جمايلي |
وتنسى جميلي يا نكور الجمايل |
يبيعون ما باعوا ويشرون ما شروا |
ولا غبن إلا بالنضا والحلايل |
ويعتبر ابن خلدون أن هذا النص من أقدم النصوص التي كتبت بالبدوية، إضافة إلى أن هناك قصائد مشابهة لشعر بني هلال قصائد تنسب للشاعر جعيثن اليزيدي وكان ذلك تقريبا في القرن التاسع ومن أقدم من دونت أشعارهم راشد الخلاوي وأبو حمزة العامري من أهل الأحساء وقطن بن قطن من عمان ورميزان بن غشام التميمي وجبربن سيار من أهل سدير بركات الشريف وبديوي الوقداني وهؤلاء عاشوا القرنين العاشر والحادي عشر الهجري وكانوا ينظمون الشعر على أوزان الشعر الفصيح وتفاعيله إلا أن ظهور شاعر (الغزل) محسن الهزاني في الحريق الذي جدد في الشعر الشعبي وأدخل الأوزان المسماة (السامري) ذات القافيتين لكل شطر قافية حتى آخر قصيدة، ثم تلاه ذلك ابن لعبون فنهج على منواله وكان أكثر اطلاعاً على الأدب الفصيح.
|
|