في ظل ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب السعودي وتدني نسب السعودة، سيواجه - وزير الخدمة المدنية - محمد الفايز، يوم الأحد الرابع عشر من شهر جمادى الآخرة، - وللمرة الثانية - تساؤلات أعضاء مجلس الشورى.
حول عدم شغل أكثر من (147) ألف وظيفة شاغرة في الجهات الحكومية، ونحو (69) ألف وظيفة يشغلها غير سعوديين، خصوصاً في سلمي الوظائف الصحية والتعليمية.
وينعكس الألم الكبير في الأرقام المعلنة عن الوظائف المعطلة، وتشعرك تلك التقارير بالغضب، خشية استفحال البطالة التي أصبحت آفة تنخر جسد المجتمع، بعد أن تحول إلى كابوس يقض مضجع الشباب ويغتال طموحاتهم. فالأزمات قد تراكمت على مر العقود، وحلها اليوم لم يعد أمراً سهلاً، وهنا جوهر الأزمة وقمة التحدي الكبير.
وإذا كان أعضاء مجلس الشورى سيواجهون وزير الخدمة المدنية بهذه المشكلة، فإنني لا زلت أذكر تصريحاً مثيراً للدهشة - لوكيل وزارة العمل للتخطيط والتطوير- الدكتور: عبدالواحد الحميد، حين أعلن: (أن نصف مليون سعودي عاطل عن العمل، وكشف أن نسبة الجريمة بين العاطلين ارتفعت إلى (320%)، بين عامي 1410هـ و1426هـ. محذراً من آثارها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ومشدداً على أنه ما لم يتبن القطاعان - الحكومي والخاص - علاج مشكلة البطالة، فإن النسيج الاجتماعي معرض للخطر).
إذن فالجانب الآخر المظلم للبطالة، هو مسؤوليتها عن ارتفاع معدلات الجريمة والانحراف، مما يهدد استقرار المجتمع بانتشار الجرائم فيه، وزيادتها في أوساط الشباب. وهذا ما ورد في تقرير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية من ارتفاع عدد الجرائم، وظهور جرائم غريبة على المجتمع السعودي، بعضها أخذ شكل التنظيم. وعزا التقرير أهم عوامل نسبة ارتفاع الجريمة إلى تفاقم نسبة البطالة لدى الشباب، إذاً يبدو نمو جرائم السرقة، وازدياد الجرائم الأخلاقية ظاهرة مقلقة. فأضحت البطالة عائقاً تنموياً كبيراً، وسبباً في تهديد استقرار المجتمع، نظراً لما تفرزه من آثار سلبية خطيرة على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
غمزة مع التحية لمعالي -وزير العمل- الدكتور: غازي القصيبي، حينما تتطاير الأسئلة كالزئبق تبدأ ولا تنتهي، وتتناثر بقدرتها على إحداث الدهشة بشكل متصل، فتجعلك تعتقد جازماً أن السماء قد أمطرت وظائف حكومية لكنها معطلة، وهو ما يتقاطع بشكل درامي مع مقولة معاليه الاستفزازية في وقت لا ينقصنا الاستفزاز: (إن السماء لا تمطر وظائف حكومية، ومن ينتظرونها تمطر سيطول انتظارهم).
إن قضية البطالة يا معالي الوزير, تعتبر من أهم القضايا التي تشغل دول العالم سواء الصناعية، أو دول العالم الثالث.
ولا يكفي الإحساس والشعور بداء البطالة، والاعتراف به بواقعية وموضوعية، إذا لم يكن هناك تصحيح للخطأ والسعي لمعالجته.
وما سنحتاجه في المرحلة القادمة، هو أن تجتمع آليات التنفيذ مع القرار السياسي لجعلها موضع التنفيذ، وإلا لن يعدو أن تكون محاضر تلك اللقاءات والاقتراحات حبراً على ورق.
drsasq@gmail.com