لا شك أنّ خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مصر كان خطاباً إيجابياً في مجمله، ولاسيما فيما يتعلّق بالمكانة العظيمة التي يحتلها الإسلام في الحضارة البشرية.
ولكن هذا الاعتراف بعظمة الإسلام من قِبل أوباما سبقه إليه رؤساء أمريكيون، ومن جملتهم سلفه جورج بوش، الذي تأزّمت في عهده علاقات أمريكا بالعالمين الإسلامي والعربي!.
وبالتالي، فإنّ أوباما حقيقة لم يأت بشيء جديد، إلاّ أنه كان أكثرهم استشهاداً بالآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، وهو الأمر الذي يشير إلى سعة ثقافته، وإلمامه بالنصوص الإسلامية.
فالرئيس السابق جورج بوش كان يشيد أيضاً بديننا الحنيف والحضارة الإسلامية، في الوقت ذاته كان يلهث خلف إشعال الحروب في المنطقة العربية والإسلامية، وورّط بلاده ومنطقتنا بهذه الحروب، وهذا يعني حقيقة أنّ الخطابات شيء، والتطبيق الفعلي لما يريد شيء آخر .. فالتطبيق قد يصطدم بالضغوط السياسية والمتغيّرات الدولية، ما لم يكن الرئيس شديد الإيمان بالمبادئ التي أعلنها، ويملك من الحزم والقوة ما يساعده على تنفيذ سياساته.
فعلى سبيل المثال، من جملة القضايا التي أثارها أوباما في خطابه القضية الفلسطينية، وهذه القضية حساسة جداً في العالم الإسلامي. وحتى نكون صادقين، فإنّ أمريكا ظلّت عبر تاريخ القضية جزءاً من المشكلة بانحيازها الأعمى لإسرائيل.
فهل أوباما سيشذ عن السياسة الأمريكية، ويكون محايداً بين العرب وإسرائيل؟ .. إذا استطاع ذلك سيجعل بلاده جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة!.
وإذا استطاع أن يقف في وجه تعنُّت إسرائيل وأنصارها، فإنّ القضية التي ظلّت لعشرات السنين متأزّمة، قد تحل في غضون أشهر!.
أوباما قال إنّ الشعب الفلسطيني عانى الكثير وهناك الكثير من مخيمات اللاجئين، ولم يستطع هذا الشعب أن ينعم بالحرية والأمن، وعانى من ظروف الاحتلال، والأوضاع في فلسطين لم تَعُد تحتمل.
وأكد أنّ أمريكا لن تغضّ النظر عن حق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولتهم. وقال إنّ على الإسرائيليين أن يقرُّوا بحق الفلسطينيين بالعيش. وهذه عبارات قوية وحازمة، لكن الأهم - كما ذكرنا سالفاً - هو وضع هذه العبارات موضع العمل والتنفيذ، عندها سنحيِّي أوباما مرتين، مرة لجمال أقواله ومرة لصدق أفعاله!.