الإعلام يمثل واجهة حضارية لأي منشأة، فمتى ما كان الإعلام على مستوى عال من الرصانة والطرح المتوازن وتصوير الأشياء كما هي عكس ذلك صورة يانعة على الصعيد الذي يتحدث عنه الإعلام.. وبحكم تجربتي الطويلة التي خضتها في المجال الرياضي كلاعب (سابق) في نادي الشباب حينما كنت حارساً للفريق الكروي الأول والمنتخب السعودي للناشئين، وأول وتجربة لي مع الإعلام كلاعب بدأت منذ أول ظهور لي في عام 1389هـ حينما لعبت احتياطياً في المباراة النهائية على كأس الملك أمام الأهلي في افتتاح ملعب الملك حالياً (الأمير فيصل بن فهد..) واختتم مشواري في موسم 98هـ. تلك الحقبة من المشوار الرياضي تعرفت فيها على رجالات سامقة في المجال الإعلامي ولمست أن هناك كوادر على قدر كبير من الطرح والنزاهة ويسعون في تجسيد الأمانة بكل أشكالها بما يتماشى مع معطيات العصر. ولعل أبرز هذه النماذج الأستاذ تركي السديري رئيس تحرير جريدة الرياض والأستاذ خالد المالك والأستاذ محمد الجحلان - شفاه الله - والدكتور هاشم عبده هاشم ومحمد الوعيل.. أسماء لامعة لا تحضرني بعضهم ولكن هناك من هو حاضر أمامي ولا يمكن أن يفارق مخيلتي وهو أكبر شاهد على تجسيد الأمانة الصحفية في هذا الجيل، أقصد جيل التسعينيات. التجربة بعد الحادثة التي لامستني حينما اتهمت بأنني سأسهل مهمة الهلال بالتسجيل في مرماي قبل اللقاء الذي سيجمع الشباب بالهلال، حيث كان يتعين على الهلال الفوز بخمسة أهداف.. وظهرت إشاعات من بعض اللاعبين والإداريين المنافسين أنني سأسهل المهمة مقابل مبلغ مالي قدره خمسة آلاف ريال. وحينما تصاعدت حدة الإشاعات أُبعدت عن المباراة وحل زميلي (أبو لبن) حارساً وسجل الهلال خمسة أهداف وكانت عدالة السماء حاضرة في ذلك الوقت وأنا أتفرج في المدرجات. وبعد المباراة نقلت جريدة الرياض الصورة الحقيقية للمسؤولين بحديث أجريته مع الزميل (محمد الجحلان) وكان رئيساً للقسم الرياضي في ذلك الوقت وتحديداً في عام 92هـ قبل أن يتبوأ نائب رئيس تحرير جريدة الرياض. وكشف الأخ محمد الجحلان كل التفاصيل عن الحادثة، وبالتالي استدعاني الأمير الراحل فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب بعد أن قرأ الحديث وكشفت له كل التفاصيل والمتسبب في ذلك، وتم إيقاف اللاعبين الخمسة الذين أشاعوا استلامي للمبلغ ورد اعتباري.. وهذا تأكيد على أمانة ونزاهة الصحافة في ذلك الوقت وقدرتها على إيصال المعلومة للمسؤولين والمجتمع الرياضي.. وما أود قوله بهذا الصدد أن الإعلام في الوقت الحالي مال بشكل كبير إلى جوانب غير محمودة في عملية الطرح، وأقصد أن هناك ثلة لم يقدروا أمانة القلم وبالتالي أشاعوا التعصب والطعن في الذمم ومحاولة الإساءة للآخرين الإعلاميين الرياضيين تحديداً. ولا شك أن مثل هذا يسيء للرياضة بشكل عام وبالذات لمكان الإعلامي الذي ينتهج مثل تلك الأساليب. كل ما أتمناه أن نشاهد إعلاماً راقياً قادراً على كشف الحقائق بعيداً عن الزيف والتعصب وقلب الحقائق.. وبذات الوقت لا يكون إعلاماً يخدم فكر شخص معين أو حتى منشأة، لأن الهدف أسهل وأبعد، فالقلم أمانة والكلمة أيضاً لابد وأن تكون مكتسبة بالمصداقية في كل الأحوال بعيداً عن عشق الذات الذي في العادة لا تجلب إلا الرؤية القاصرة التي لا تخدم الهدف المنشود. والله الموفق.
حارس دولي سابق