بعد فترة قصيرة تبدأ سهرات الأعراس والأفراح والليالي الملاح، بالنجاح والخطوبة والشبكة وليلة العمر (كما يقول البعض)، هذه الليالي الساهرة بالأنس والانشراح ستبدأ مباشرة بعد آخر يوم من أيام اختبارات الطلاب، غير أن الإعداد لها أو بعضها قد بدأ منذ إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني، فحجوزات القاعات وصالات الفنادق والاستراحات قد تم، والاتفاق مع محلات الورد والمعجنات والحلويات دفع عربونه، وفي حقيقة الأمر فإن العربون هذا يفوق القيمة الحقيقية لما اتفق عليه لكنها حمى المنافسة والشراء غير المنضبط هي ما جعل عمالة وافدة تدرس عقول بعضنا وشطحات ميولنا نحو التميز والتسابق تجاه كل غريب من مكونات الحفلات تلمساً لرمزيات الإبداع والإبهار، فهذه أم عروس تريد أن تغلب أم عروس أخرى، وتلك عائلة تريد أن تبز عائلة غيرها وتخالفها بالجديد في الاحتفالية، والكاسب الأكبر أولئك الخبثاء الضاحكون في محلاتهم، أما عن ارتياد الأسواق لجمع الملابس والعطور والذهب فمد كلتا رجليك ولا تبالي وتحدث ولا حرج عليك قل ما تشاء وبالغ كيفما شئت، فإنك سترسب في السرد والقصص لأن واقعنا من هذا الجانب مؤلم مؤسف يدعو إلى القلق والشفقة (منا علينا)؛ إذ إني لا أتصور مجتمعاً يمكن أن يفعل كما نفعل في هذه المناسبات، نعم كلهم يحتفلون ويبتهجون لكن باتزان وبأقل الخسائر، لا يرهقون أنفسهم ولا يستدينون لإقامة الحفلات المظهرية الكاذبة، أما من أعطاه الله بسطة في الرزق واحتفل على قدره فذاك من فضل الله يؤتيه من يشاء، والله لا يحب المسرفين.
